استبشرنا خيرا حينما أطلقت وزارة التعليم برنامجها الرائد (فطن) الذي يهدف إلى وقاية الطلاب والطالبات من جميع المهددات التي تحيط بهم، وبناء جيل واثق وقوي مسلح بوسائل الحصانة التي ستعينه لأداء دوره في الحياة والمساهمة في تطوير مجتمعه بكل فعاليه، وما صاحب ذلك من برامج وحملات إعلانية لنشره على كافة المستويات، ولا شك أن هذه الخطوة تحسب لمصلحة وزارة التعليم في الاتجاه لتصحيح كثير من الأخطاء التي وجدت سابقا والتي كلفتنا كثيرا. أول هذه الأخطاء؛ اختطاف كثير من أبنائنا وبناتنا فكريا وسهولة التأثير عليهم، حتى أصبح عدد لا يستهان به لقمة سائغة ووقودا لحروب وصراعات وأطماع أعداء الدين والوطن، ومع ذلك فإن هذه الخطوة الموفقة بحاجة لكثير من المراجعات والنقد حتى نضمن أننا نسير في الاتجاه الصحيح بأقل الأخطاء الممكنة، لأنه وعلى الرغم من تعميم فكرة البرنامج وأهدافه وخطته إلا أن بعض الاجتهادات الخاطئة قد بدأت بالظهور، حيث اجتهدت بعض المؤسسات التعليمية في التركيز على الجانب الشكلي في الموضوع، فأغرقت الميدان بالمنشورات والمقاطع والصور التي تخلو في كثير منها من مضامين البرنامج الحقيقية، عدا التكلفة المادية التي قد ترهق المدرسة والأسر، ناهيك عن تركيزها على الجانب الوعظي المباشر الذي لم يعد يجدي نفعا، خاصة مع ما يتصف به أبناؤنا من حرص شديد على المعرفة الدينية، يضاف إلى ذلك أيضا ما طالعتنا به وسائل التواصل الاجتماعي من استضافة شخصيات، أقل ما يقال عنها أنها لا تمثل القدوة المأمولة لشباب المستقبل، إما لتشددها أو سطحية اهتماماتها، كل ذلك يجعلنا أمام تحد حقيقي في أن يسير البرنامج نحو الاتجاه المخطط له، والذي لن يتأتى إلا بضبطه من خلال إطار واضح يمنع مثل هذه التجاوزات ويركز في مقامه الأول على غرس القيم الإسلامية الحقيقية التي تدعو للتسامح والوسطية، من خلال برامج مخطط لها بعناية، تراعي في المقام الأول احتياجات الطلبة والطالبات وتتماشى مع متطلبات العصر وتطوره ويكون للمعلمين والمعلمات نصيب من هذا الاهتمام بحيث تتجدد لهم هذه البرامج بشكل مستمر، فبرنامج تدريبي واحد أو أكثر لن يكون قادرا على تغيير فكر تأصل على مدى سنين تغذيه مصادر أخرى ولست أقصد هنا أفكار التشدد فقط، بل كل ما يدعونا لإقصاء الآخر وقبول الرأي المخالف والعادات والسلوكيات التي لا تستقيم مع تعاليم ديننا، فإن ركزنا على ذلك من خلال التكاتف القوي بين المدرسة بكافة عناصرها والأسر فإننا سنصنع الفارق بين ما كنا وسنكون، وسنحقق بإذن الله النتائج المأمولة.