أثار قرار التحفظ على جثث ضحايا حادث حريق مستشفى جازان العام صباح أول من أمس، استياء ذويهم وضاعف معاناتهم، ففي الوقت الذي فتحت بعض الأسر في منطقة جازان أبوابها لاستقبال العزاء، بقيت أسر أخرى في انتظار تسلم جثث المتوفين وإنهاء مراسيم الدفن، ومن ثم فتح باب العزاء، حسبما جرت عليه العادات في المنطقة، والتي تربط بين الدفن والعزاء. وكان قرار تأخير تسليم المتوفين إلى ذويهم وإيداعهم في ثلاجات مستشفيات المنطقة، قد اتخذ بناء على ما تستدعيه إجراءات التحقيق، الذي بدأ أعماله أمس، لكشف أسباب وملابسات حدوث الحريق الذي ذهب ضحيته نحو 25 حالة وفاة ونحو 123 مصابا. الوفيات بسبب الاختناق استغرب أحد ذوي الضحايا الذي توفيت أمه في الحادث، تأخير تسليمها رغم ما بذله من جهد من أجل استلامها ولكن دون فائدة، مضيفا أن إكرام الميت دفنه وأن ما حصل هو قضاء وقدر، مطالبا في الوقت ذاته بضرورة محاسبة المقصرين. وتوقع مصدر في تصريح إلى "الوطن" بأن يتم تسليم جثث المتوفين إلى ذويهم صباح الغد، معتبرا التأخير أمرا طبيعيا في مثل هذه الحالات التي ترتبط بإجراءات التحقيق، نافيا في الوقت ذاته أن يكون التأخير بسبب وجود جثث متفحمة يصعب التعرف على أصحابها، مشيرا إلى أن جميع حالات الوفاة الناتجة عن الحادث الأليم كانت بسبب الاختناق، نتيجة انتشار الدخان في الطوابق العلوية للبرج. وأضاف أن خسائر النيران اقتصرت على المبنى ومحتوياته، خاصة الدور الذي شبت فيه النيران وأتت على جميع محتوياته من أسقف وأثاث وتمديدات، وأجهزة طبية، وأجهزة إلكترونية، وغيرها.
كارثة متوقعة أكدت الكارثة التي وقعت صباح أول من أمس في المستشفى، معاناة أهالي منطقة جازان من واقع هذا المستشفى منذ افتتاحه، إذ بين المواطن محمد عمر أنه كان يتوقع حدوث كارثة نتيجة وجود ملاحظات كثيرة على مبنى المستشفى، خصوصا تسربات المياه والتشققات، إضافة إلى ضيق الممرات، وعدم وجود سلالم آمنة في مخارج الطوارئ. واستغرب المواطن موسى قصادي من عدم وجود كاميرات مراقبة داخل المستشفى، خاصة أن المبنى جديد ومن المفترض أن تكون موجودة منذ تأسيسه لكن غيابها يؤكد عشوائية تنفيذ المبنى. وأكد المدير العام للدفاع المدني بمنطقة جازان اللواء سعد الغامدي في تصريح إلى "الوطن" أمس، أن عدم وجود كاميرات مراقبة داخل مبنى المستشفى عرقل إمكان معرفة جاهزية أجهزة الإنذار، وهل عملت وقت الحريق أم لا، مشيرا إلى أن الروايات اختلفت في التحقيقات الأولية للحريق، فالبعض يقول إنها عملت فيما نفى آخرون ذلك. وبين أن إدارة الدفاع المدني بالمنطقة تشدد على أهمية توفير وسائل السلامة ومتابعتها بشكل دوري، خصوصا في المستشفيات والفنادق.
قصص مأساوية شهد حريق المستشفى كثيرا من المشاهد المأساوية التي يرويها شباب شاركوا في عملية الإنقاذ، ومن ضمنها ما رواه الشاب أيمن حكمي عن محاولة إنقاذ امرأة كانت ممسكة بيد أمها المقعدة ورفضت أن تتركها حتى وهي ترى الموت أصبح أقرب إليها من الحياة وكانت لديها فرصة للنجاة، وترفض أن تغادر المكان رغم كل المحاولات، حتى فارقت المرأة وأمها الحياة في نفس اللحظة. وكما استسلم شاب لإصرار والده المقعد لينجو بنفسه، وغادر غرفة التنويم بعد أن غطى الدخان المكان، وكان آخر ما قاله والده "إذا كنت تريدني أن أموت وأنا راض عنك فانج بنفسك، أما أنا فقد رضيت بما يكتبه الله لي". وأكد عيسى عميش، شقيق إحدى ضحايا الحريق، أنه تلقى اتصالا هاتفيا من شقيقته أثناء اندلاع الحريق داخل المستشفى، وكانت تستنجد فيه وهي تصرخ بكامل صوتها لعجزها عن مساعدة والدتها المسنة، مضيفا "فور وصولي صدمت من هول الموقف، خاصة أنني مصاب بربو مزمن، ولم أتمكن من تجاوز ذلك الدخان الخانق، ولكن شقيقي لحق بي وتمكن من مساعدة والدتي ولكننا لم نتمكن من مساعدة شقيقتي التي راحت ضحية للحادث".
المطر يغسل رماد الحريق رصدت "الوطن" أمس، واقع مبنى مستشفى جازان الذي أغلقت أبواب أسواره الخارجية بشكل كامل للمرة الأولى بوجود تعزيزات أمنية على جميع المداخل والمخارج، وذلك في وقت شهدت مدينة جازان أمطار غزيرة استمرت 5 ساعات أخفت الرماد المنتشر حول المبنى، والأثر الذي تركته كارثة الخميس واستنفار الجهات حوله. وبينت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة أن هناك توقعات بهطول أمطار رعدية تصحب بنشاط في الرياح السطحية على منطقة جازان، تشمل الأجزاء الساحلية منها مع فرصة لتكون الضباب خلال الليل والصباح الباكر على المرتفعات الجنوبية الغربية والغربية.
مواقف بطولية ضرب عدد كبير من شباب منطقة جازان مثلا رائعا، خصوصا من تدربوا أخيرا في دورة الأزمات والكوارث التي نفذها الدفاع المدني قبل شهر بالمنطقة، وكان حادث حريق المستشفى اختبارا حقيقيا لهم، إذ شاركوا الجهات المعنية في عملية إخلاء المبنى من المرضى والمرافقين. وأوضح المواطن أبكر عبده أنه كان قريبا من الموقع وبعد دخوله إلى المستشفى أصيب بحالة ذهول نتيجة صياح الكثيرين ممن كانوا داخل أقسام التنويم، ليجد نفسه واقفا مع رجال الدفاع المدني والجهات الأخرى وعدد كبير من المتطوعين المشاركين في عملية إخلاء المرضى عبر سلالم أحد أبواب الطوارئ والتي فتحت من رجال الدفاع المدني. وأشار القائد الكشفي مراد شحار إلى الساعات العصيبة التي عاشها داخل المستشفى ليسهم مع شباب آخرين في عملية إنقاذ العشرات من المحتجزين، في لحظات اختلطت فيها كثير من الأمور المأساوية، ومن أصعبها كما يذكر أولئك الذين كانوا يطرقون الأبواب وتتعالى أصوات صحياتهم طلبا للنجاة، في وقت قلت فيه حيلة الجميع. وأضاف أنه بدأ بمساعدة مجموعة من الشباب في استخدام أنابيب الأكسجين لتكسير النوافذ الزجاجية التي وصفها بالقوية واحتاجت إلى مجهود كبير في إيجاد منافذ لتسريب الدخان إلى خارج المستشفى، مستغربا من عدم وجود منافذ يتم خلالها عزل الدخان عن غرف المرضى.
مساندة جامعة جازان وجه مدير جامعة جازان المكلف الدكتور محمد ربيع خطاب مواساة وتعزية في ضحايا حادث حريق مستشفى جازان العام إلى المدير العام للشؤون الصحية بمنطقة جازان، أبدى خلاله استعداد الجامعة لوضع كافة إمكاناتها الطبية والتمريضية والإسعافية لمواجهة أي احتياج أو طارئ بهدف التخفيف من معاناة المصابين في هذا الحادث الأليم. وأكد ربيع أن الجامعة سباقة إلى تقديم كافة أنواع الدعم والمساندة في أي ظرف ولأي قطاع حكومي أو خاص يرعى مصالح وخدمات المجتمع، وذلك ضمن واجباتها واستراتيجيها في خدمة مجتمعها المحيط.
أبرز الأحداث والأخطاء التي شهدها مستشفى جازان العام 1 - كارثة الحريق أول من أمس نتجت عنها 25 وفاة، و123 إصابة 2 - وفاة طفلة بعد حقنها بمغذٍ 3 - خطأ طبي يودي بحياة طالبة طب 4 - إبلاغ أسرة بوفاة طفلة بالخطأ 5 - طبيب يرفع قدميه على طاولة أمام المراجعين 6 - صرف كميات من الحليب منتهي الصلاحية 7 - حقن مواطن بمغذٍ منتهي الصلاحية 8 - تشخيص خاطئ يصيب فتاة بجلطة دماغية