في أول خطاب ملكي منذ توليه مقاليد الحكم، رسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للمواطنين، خارطة طريق سياسته الإصلاحية، خلال افتتاحه أعمال السنة الرابعة من الدورة السادسة لمجلس الشورى أمس. أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أن الحكومة واصلت اهتمامها بقطاعات الصحة والتعليم والإسكان والتوظيف والنقل والاقتصاد وغيرها، إدراكا منها بأن الإنسان السعودي هو هدف التنمية الأول، كما وفرت لهذه القطاعات الدعم غير المحدود المادي والبشري والتنظيمي. وأضاف خادم الحرمين في كلمته أمس عقب افتتاحه أعمال السنة الرابعة من الدورة السادسة لمجلس الشورى، أن إعادة تنظيم أجهزة مجلس الوزراء تأتي دعما لمسيرة التنمية، مؤكدا أن المملكة سارت في سياستها الخارجية على مبادئها الثابتة، الملتزمة بالمواثيق الدولية، المدافعة عن القضايا العربية والإسلامية، الرامية إلى محاربة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار في العالم، الساعية إلى توحيد الصفوف لمواجهة المخاطر والتحديات التي تحيط بالأمتين العربية والإسلامية. وفيما يلي نص الخطاب الملكي السنوي لخادم الحرمين الشريفين: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. الإخوة والأخوات أعضاء مجلس الشورى. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: بعون الله تعالى، نفتتح أعمال السنة الرابعة من الدورة السادسة لمجلس الشورى، سائلين الله سبحانه أن يبارك في الجهود، ويجعلها خالصة لوجهه الكريم، شاكرا لمجلسكم ما قام به من أعمال، وما اتخذه من قرارات. لقد قامت دولتكم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتشرفت بخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، وشهدت منذ تأسيسها لحمة وطنية شهد بها الجميع، واستمرت عجلة التطوير والنماء في وتيرة متصاعدة، رغم التقلبات الاقتصادية الدولية. أيها الإخوة والأخوات: إدراكا من حكومتكم أن الإنسان السعودي هو هدف التنمية الأول، فقد واصلت اهتمامها بقطاعات الصحة والتعليم والإسكان والتوظيف والنقل والاقتصاد وغيرها، ووفرت لها الدعم غير المحدود المادي والبشري والتنظيمي، وتأتي إعادة تنظيم أجهزة مجلس الوزراء دعماً لمسيرة التنمية. وسارت المملكة في سياستها الخارجية على مبادئها الثابتة، الملتزمة بالمواثيق الدولية، المدافعة عن القضايا العربية والإسلامية، الرامية إلى محاربة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار في العالم، الساعية إلى توحيد الصفوف لمواجهة المخاطر والتحديات التي تحيط بالأمتين العربية والإسلامية. وفي خطابي الموزع عليكم استعراض لسياسة الدولة الداخلية والخارجية وما حققته من إنجازات. أسأل الله عز وجل أن يوفقنا جمعيا لكل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. العمليات الأمنية أسهمت في دحر مخططات الإرهاب وعلينا نبذ أسباب الفرقة تناول الملك المفدى في خطابه السنوي قضية الوحدة الوطنية، والإرهاب، قائلا: إننا مجتمع مسلم يجمعنا الاعتصام بحبل الله، والتمسك بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم عقيدة وشريعة ومنهجا، فالشريعة الإسلامية تقوم على الحق والعدل والتسامح ونبذ أسباب الفرقة، ولذلك فإن الجميع يدرك أهمية الوحدة الوطنية، ونبذ كل أسباب الانقسام وشق الصف، والمساس باللحمة الوطنية، فالمواطنون متساوون سواء أمام الحقوق والالتزامات والواجبات، وعلينا جميعا أن نحافظ على هذه الوحدة، وأن نتصدى لكل دعوات الشر والفتنة أيا كان مصدر هذه الدعوات ووسائل نشرها، وعلى وسائل الإعلام مسؤولية كبيرة في هذا الجانب. وأضاف موجها حديثه لأعضاء الشورى: إن دولتكم ماضية في دعم الجهود لمواجهة التحديات والمخاطر التي تحيط بالأمتين العربية والإسلامية، ولقد وجهنا مجلس الشؤون السياسية والأمنية باقتراح الخطط والبرامج والرؤى اللازمة لمواجهة هذه التحديات والمخاطر. وقال: إن الأمن من أهم النعم التي تفضل الله بها على بلادنا وهو الركيزة في استقرار الشعوب ورخائها، ولقد كان المواطن السعودي ولا يزال مستشعرا لمسؤوليته في هذا الشأن فهو رجل الأمن الأول وعضد لقيادته وحكومته في دحر الحاقدين والطامعين ولن نسمح لكائن من كان أن يعبث بأمننا واستقرارنا. وأشار خادم الحرمين الشريفين إلى أن الإرهاب آفة عالمية اكتوى بنارها الكثير من الدول والشعوب، فليس له دين ولا وطن، ولقد كان لأجهزة الدولة الأمنية الباسلة جهود جبارة في التصدي للإرهابيين بكل حزم وقوة، ولقد وفقوا ولله الحمد في ملاحقتهم وتفكيك شبكاتهم وخلاياهم إضافة إلى تنفيذ عمليات أمنية استباقية أسهمت بشكل فاعل في درء شرورهم وإحباط مخططاتهم، ونحن عاقدون العزم بحول الله وقوته على دعم وتعزيز قدرات أجهزتنا الأمنية بكل الوسائل والأجهزة الحديثة التي تمكنهم من أداء مهامهم ومسؤولياتهم على أكمل وجه وهي مصدر فخرنا واعتزازنا. وأضاف الملك سلمان: لقد عانينا في المملكة من آفة الإرهاب، وحرصنا وما زلنا على محاربته والتصدي بكل صرامة وحزم لمنطلقاته الفكرية التي تتخذ من تعاليم الإسلام مبررا لها، والإسلام منها براء، ولا يخفى أن محاربة الإرهاب والتصدي له واقتلاع جذوره وتجفيف منابعه مسؤولية دولية مشتركة، فخطره محدق بالجميع، ومن هذا المنطلق جاء تشكيل التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب بقيادة المملكة، وتأسيس مركز عمليات مشتركة بمدينة الرياض، لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمحاربة الإرهاب، ولتطوير البرامج والآليات اللازمة لدعم تلك الجهود، ووضع الترتيبات المناسبة للتنسيق مع الدول الصديقة والمحبة للسلام والجهات الدولية في سبيل خدمة المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب، وحفظ السلم والأمن الدوليين، والمملكة بذلت وستستمر في بذل ما تستطيعه في هذا الشأن. عازمون على مواصلة برامج التطوير والتنمية قال خادم الحرمين الشريفين في كلمته الموجهة لأعضاء مجلس الشورى أمس التي استعرض فيها السياسة الداخلية والخارجية للمملكة وأبرز المستجدات والتحديات في هذا الشأن: إن برامج التطوير والتنمية التي نشهدها تنطلق من ثوابتنا الدينية وقيمنا الاجتماعية، بما يحفظ الحقوق ويحدد الواجبات. وأضاف: إننا عازمون على مواصلة تلك البرامج في جوانب التنمية السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية. وأعرب الملك سلمان عن تطلعه إلى تعاون الجميع في تعزيز المكتسبات ومعالجة المعوقات بما يسهم في الارتقاء بوطننا الغالي ومستوى الخدمة المقدمة لمواطنيه. وقال الملك المفدى: إن مسيرة النماء مستمرة على وتيرة راسخة منذ عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ومن بعده أبناؤه البررة - رحمهم الله جميعا - حتى اليوم الحاضر، ويأتي في مقدمة التزاماتنا ما شرف الله به بلادنا من خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما من حجاج ومعتمرين وزوار، وهو التزام نفخر ونعتز به، وقد عاهدنا الله عز وجل على بذل الغالي والنفيس في سبيل ذلك، ويأتي في هذا السياق اهتمام الدولة بعمارة الحرمين الشريفين وتوسعتهما. وأضاف: أن برامج التطوير والتنمية التي نشهدها تنطلق من ثوابتنا الدينية وقيمنا الاجتماعية، بما يحفظ الحقوق ويحدد الواجبات، وإننا عازمون على مواصلة تلك البرامج في جوانب التنمية السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية، ومن هنا فقد وجهنا بإعادة هيكلة أجهزة مجلس الوزراء وما استتبع ذلك من إلغاء الكثير من المجالس والهيئات واللجان، ونقل اختصاصاتها إلى كل من "مجلس الشؤون السياسية والأمنية، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية"، ومن خلال هذين المجلسين بإشراف ومتابعة مجلس الوزراء ستستمر الجهود في تعزيز مسيرة التنمية والوصول إلى تكامل الأدوار وتحديد المسؤوليات والاختصاصات ومواكبة التطورات وتحسين بيئة العمل وتقوية أجهزة الدولة. حريصون على تنويع مصادر الدخل ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي تطرق الملك سلمان في خطابه السنوي بمجلس الشورى إلى القضايا الاقتصادية التي تهم المملكة، قائلا إن ارتفاع أسعار النفط خلال السنوات الماضية أسهم في تدفق إيرادات مالية كبيرة، حرصت الدولة من خلالها على اعتماد العديد من المشاريع التنموية الضخمة، وتطوير البنية التحتية، إضافة إلى تعزيز الاحتياطي العام للدولة مما مكن بلادنا بفضل الله- من تجاوز تداعيات انخفاض أسعار النفط، بما لا يؤثر على استمرار مسيرة البناء وتنفيذ خطط التنمية ومشروعاتها. ولقد واصل اقتصادنا - ولله الحمد - نموه الحقيقي على الرغم من التقلبات الاقتصادية الدولية وانخفاض أسعار النفط، والفضل بعد الله يعود إلى السياسات الاقتصادية المتوازنة والحكيمة، التي تتبعها الدولة في ضبط الأوضاع المالية العامة، والمحافظة على الاستقرار والتوازن بين الموارد والإنفاق على المشروعات التنموية الكبيرة في جميع القطاعات. لقد نجحنا بفضل الله في المحافظة على مستويات الدين العام التي لا تزال منخفضة مقارنة بالمعدلات العالمية، والمملكة حريصة على تنفيذ برامج تنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على النفط مصدرا رئيسا للدخل، ورؤيتنا في الإصلاح الاقتصادي ترتكز على رفع كفاءة الإنفاق الحكومي، والاستفادة من الموارد الاقتصادية، وزيادة عوائد الاستثمارات الحكومية. ولقد وجهنا مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بوضع الخطط والسياسات والبرامج اللازمة لذلك، فبلادنا- ولله الحمد- بلاد خير وعطاء. وأضاف خادم الحرمين الشريفين قائلا: لقد جاءت خطة التنمية العاشرة التي بدأت هذا العام على قاعدة اقتصادية تنموية راسخة ومواكبة للتطلعات ولأهم المستجدات والتحديات، وترمي خطة التنمية إلى رفع مستوى الناتج المحلي، وترسيخ دعائم التنمية الاقتصادية الشاملة وتنمية القوى البشرية ورفع معدلات توظيفها، وزيادة الإنفاق على البنية التحتية، وسيقوم مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية من خلال آلياته بمتابعة ضمان نجاح سير العمل ورفع مستوى الأداء. وفي هذا السياق تم إنشاء المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة الحكومية، كما وجهنا بناء على ما أوصى به مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بأن ترفع الوزارات والأجهزة الحكومية إلى المجلس توجهاتها ورؤاها. كما أننا حريصون على تحسين السوق التجارية السعودية، وتكوين بيئة جاذبة للعمل والاستثمار للشركات الوطنية والأجنبية، وتبسيط الإجراءات وتسهيل الاستثمار في السوق السعودية. ولقد وجهنا بفتح نشاط تجارة التجزئة والجملة للشركات الأجنبية سعيا لتنويع السلع والخدمات التي تقدم للمواطنين، وتوفيرها بجودة عالية وأسعار تنافسية مناسبة، وفتح فرص جديدة للعمل والتدريب للشباب السعودي.