أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أن السعودية عازمة على تطوير الأداء الحكومي، ومستوى الخدمة، وقال: «نحن حريصون على تنفيذ برامج تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط مصدراً رئيسياً، ورؤيتنا في الإصلاح الاقتصادي ترتكز على رفع كفاءة الإنفاق الحكومي، وزيادة عوائد الاستثمارات الحكومية»، وشدد على أن «المواطنين سواء أمام الحقوق. وأشار إلى أن المملكة حريصة على أن «تبقى سورية وطناً موحداً». وقال الملك سلمان في خطابه السنوي، خلال افتتاحه أعمال السنة الرابعة من الدورة السادسة لمجلس الشورى أمس، إن «السعودية تنعم بالأمن. إن مسيرة الانماء مستمرة على وتيرة راسخة منذ عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ومن بعده أبناؤه البررة حتى اليوم الحاضر، ويأتي في مقدم التزاماتنا ما شرّف الله به بلادنا من خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما من حجاج ومعتمرين وزوار». وأضاف أن الرياض «حريصة على الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية في المحافل الدولية في سياق حرصها على أداء واجباتها تجاه الدول الشقيقة ونصرتها، وقد جاءت عملية عاصفة الحزم بمشاركة عدد من الدول العربية والإسلامية وبطلب من الحكومة الشرعية في اليمن لإنقاذه من فئة انقلبت على شرعيته وعبثت بأمنه واستقراره، وسعت إلى الهيمنة وزرع الفتن في المنطقة، ملوحة بتهديد أمن دول الجوار، وفي مقدمها المملكة، ومنفذة توجهات إقليمية تسعى إلى التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، من خلال تحويل اليمن إلى بؤرة للصراع المذهبي والطائفي، وهو ما أملى على دول التحالف التعامل مع هذا الخطر المحدق بأمن اليمن وشعبه وأمن المنطقة العربية، ما يعيد الشرعية والاستقرار إلى اليمن». وفي ما يتعلق بسورية قال إن «موقف المملكة من الأزمة السورية واضح منذ بدايتها، وهي تسعى للمحافظة على أن تبقى سورية وطناً موحداً يجمع كل طوائف الشعب السوري، وتدعو إلى حل سياسي يُخرج سورية من أزمتها، ويمكّن من قيام حكومة انتقالية من قوى المعارضة المعتدلة، تضمن وحدة السوريين، وخروج القوات الأجنبية، والتنظيمات الإرهابية التي ما كان لها أن تجد أرضاً خصبة في سورية لولا سياسات النظام السوري التي أدت إلى إبادة مئات الآلاف من السوريين وتشريد الملايين، وانطلاقاً من الحرص على تحقيق الأمن والاستقرار والعدل في سورية، استضافت المملكة اجتماع المعارضة السورية بكل أطيافها ومكوناتها؛ سعياً لإيجاد حل سياسي يضمن وحدة الأراضي السورية وفقاً لمقررات جنيف1». وأعرب عن إدانة المملكة «ما فعلته قوات الاحتلال الإسرائيلية أخيراً، من تصعيد وتصرفات غير مسؤولة، من قتل الأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء العزل، واقتحام المسجد الأقصى المبارك وانتهاك حرمته والاعتداء على المصلين، فهو جريمة كبرى يجب إيقافها، كما يجب وضع حد لبناء المستوطنات الإسرائيلية، وإزالة ما أنشئ منها». وشدد على أن الإرهاب «آفة عالمية اكتوى بنارها العديد من الدول والشعوب، فليس له دين ولا وطن، ولقد كان لأجهزة الدولة الأمنية الباسلة جهود جبارة في التصدي للإرهابيين بكل حزم وقوة، ولقد وُفقوا -ولله الحمد- في ملاحقتهم وتفكيك شبكاتهم وخلاياهم، إضافة إلى تنفيذ عمليات أمنية استباقية أسهمت بشكل فاعل في درء شرورهم وإحباط مخططاتهم، ونحن عاقدو العزم بحول الله وقوته على دعم وتعزيز قدرات أجهزتنا الأمنية بكل الوسائل والأجهزة الحديثة التي تمكّنهم من أداء مهامهم ومسؤولياتهم على أكمل وجه، وهي مصدر فخرنا واعتزازنا». وأضاف: «لقد عانينا في المملكة من آفة الإرهاب، وحرصنا -وما زلنا- على محاربته والتصدي بكل صرامة وحزم لمنطلقاته الفكرية التي تتخذ من تعاليم الإسلام مبرراً لها، والإسلام منها براء، ولا يخفى أن محاربة الإرهاب والتصدي له واقتلاع جذوره وتجفيف منابعه مسؤولية دولية مشتركة، فخطره محدق بالجميع، ومن هذا المنطلق جاء تشكيل التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب بقيادة المملكة، وتأسيس مركز عمليات مشتركة بمدينة الرياض؛ لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمحاربة الإرهاب ولتطوير البرامج والآليات اللازمة لدعم تلك الجهود، ووضع الترتيبات المناسبة للتنسيق مع الدول الصديقة والمحبة للسلام والجهات الدولية، في سبيل خدمة المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب وحفظ السلم والأمن الدوليين، والمملكة بذلت، وسوف تستمر في بذل ما تستطيعه في هذا الشأن». وفي الشأن الاقتصادي، تطرق خادم الحرمين إلى استقرار الوضع الاقتصادي في المملكة، وقال: «لقد أسهم ارتفاع أسعار النفط خلال السنوات الماضية في تدفق إيرادات مالية كبيرة، حرصت الدولة، من خلالها، على اعتماد العديد من المشاريع التنموية الضخمة وتطوير البنية التحتية، إضافةً إلى تعزيز الاحتياطي العام للدولة، مما مكّن بلادنا من تجاوز تداعيات انخفاض أسعار النفط، بما لا يؤثر في استمرار مسيرة البناء وتنفيذ خطط التنمية ومشاريعها، ولقد واصل اقتصادنا نموه الحقيقي على رغم التقلبات الاقتصادية الدولية وانخفاض أسعار النفط، والفضل يعود إلى السياسات الاقتصادية المتوازنة والحكيمة، التي تتبعها الدولة في ضبط الأوضاع المالية العامة، والمحافظة على الاستقرار والتوازن بين الموارد والإنفاق على المشاريع التنموية الكبيرة في جميع القطاعات». وأشار إلى أن السعودية نجحت «في المحافظة على مستويات الدين العام التي لا تزال منخفضة مقارنة بالمعدلات العالمية، واستمرت المملكة في الاهتمام باستقرار السوق النفطية من خلال انتهاج سياسة متوازنة تراعي مصالح المنتجين والمستهلكين، وتضمن استقرار السوق، وهي حريصة على الاستمرار في عمليات استكشاف النفط والغاز والثروات الطبيعية الأخرى في المملكة». وتابع: «إن برامج التطوير والتنمية التي نشهدها تنطلق من ثوابتنا الدينية وقيمنا الاجتماعية، بما يحفظ الحقوق ويحدد الواجبات، وإننا عازمون على مواصلة تلك البرامج في جوانب التنمية السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية، ومن هنا فقد وجّهنا بإعادة هيكلة أجهزة مجلس الوزراء وما استتبع ذلك من إلغاء العديد من المجالس والهيئات واللجان، ونقل اختصاصاتها إلى كل من مجلس الشؤون السياسية والأمنية، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ومن خلال هذين المجلسين بإشراف ومتابعة مجلس الوزراء ستستمر الجهود في تعزيز مسيرة التنمية والوصول إلى تقوية أجهزة الدولة». وتطرق إلى تطوير القطاعات الصحية والتعليمية والإسكان، معتبراً أن القطاع الصحي «سيظل من أبرز اهتماماتنا؛ فالدولة مسؤولة عن توفير الرعاية الصحية اللائقة للمواطنين، ولقد واصلنا توفير أوجه الدعم لهذا القطاع البشرية والمالية، وهو ما أسهم في رفع مستوى هذه الخدمة مع تطلعنا إلى استمرار الارتقاء بها، بما في ذلك توفير المزيد من الكوادر البشرية الوطنية، من خلال التوسع في افتتاح الكليات الطبية والصحية ورفع نسبة المبتعثين في التخصصات الطبية، أما في ما يتعلّق بالتعليم، فقد حرصت الدولة على أن تكون أبرز استثماراتها في تنمية الإنسان السعودي، حيث وفّرت كل الإمكانات والمتطلبات اللازمة لرفع جودة التعليم وزيادة فاعليته، وفي ما يخص قطاع الإسكان، فالجميع يدرك ما توليه الدولة من رعاية واهتمام بهذا القطاع، وما اعتمدت له من موازنات ضخمة، حيث وفّرت كل وسائل الدعم اللازم لتوفير السكن الملائم للمستحقين، وفي هذا الشأن شجعت الدولة الاستثمار في هذا المجال، وتعزيز دور القطاع الخاص ليكون شريكاً مكملاً لجهود الحكومة في تحقيق هذا الهدف». وأشار إلى اهتمام الحكومة «بتوسيع مشاركة المرأة في التنمية بما لا يتعارض مع تعاليم الدين الحنيف، وقد أثبتت المرأة السعودية كفاءتها وقدرتها على أداء دورها في مختلف المجالات، ومن ذلك مشاركتها الفاعلة في الانتخابات البلدية التي أجريت أخيراً»، لافتاً إلى أن المملكة «حريصة على الارتقاء بأداء أجهزتها، بما يلبي تطلعات وآمال مواطنيها في المجالات كافة، وهي تدرك أن أمامها العديد من التحديات، إلا أنها عاقدة العزم -بإذن الله- على تجاوزها وتوفير الحياة الكريمة لمواطنيها». وأكد خادم الحرمين أن المواطنين في المملكة «سواء» وقال: «نحن مجتمع مسلم يجمعنا الاعتصام بحبل الله، والتمسك بكتابه وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، عقيدة وشريعة ومنهجاً، فالشريعة الإسلامية تقوم على الحق والعدل والتسامح ونبذ أسباب الفرقة، ولذلك فإن الجميع يدرك أهمية الوحدة الوطنية، ونبذ كل أسباب الانقسام وشق الصف، والمساس باللُّحمة الوطنية، فالمواطنون سواءٌ أمام الحقوق والالتزامات والواجبات، وعلينا جميعاً أن نحافظ على هذه الوحدة، وأن نتصدى لكل دعوات الشر والفتنة، أياً كان مصدر هذه الدعوات ووسائل نشرها، وعلى وسائل الإعلام مسؤولية كبيرة في هذا الجانب». وأوضح أن الأمن «هو الركيزة في استقرار الشعوب ورخائها، ولقد كان المواطن السعودي -ولا يزال- مستشعراً لمسؤوليته في هذا الشأن، فهو رجل الأمن الأول وعضدٌ لقيادته وحكومته في دحر الحاقدين والطامعين، ولن نسمح لكائن من كان بأن يعبث بأمننا واستقرارنا».