"كله تمام طال عمرك" هي كلمات تصعد من الأسفل لتبلغ القمة، تبدأ من رئيس قسم وتنتهي بمقام المسؤول الكبير، . إذًا أين الخلل؟ سؤال يحتاج للإجابة، ولكن قبل أن نبحث عن إجابة لهذا السؤال دعونا نتذكر موقفين: الأول ألم يسبق أن حدث في مدينة جدةسيول كارثية بسبب عدم الأمانة في دقة الإنتاجية رغم المليارات التي دفعتها الدولة؟ والثاني ألم يقل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، هي أمانة من عنقي إلى أعناقكم هذه الأموال التي طلبتموها في أرصدة وزاراتكم؟ موقفان سنبحث من خلالهما أمرين مهمين لنخلص إلى نتيجة حتمية واقعية لا يختلف عليها اثنان وهى أن الدولة لم تبخل بالدعم الذي تطلبه الوزارات لتحقيق الرفاهية للمواطن رغم المبالغات في التكاليف إلا أن القيادة لا تمانع في ذلك. والآخر هو هل هناك منتج يوازي ما تم دفعه ورصده للوزارات؟ ما يحدث عند أي أزمة طبيعية نجد أن المنتج لا يوازي أرباع ما تم صرفه وهذا ما أثبتته الأمطار الأخيرة بمدينة جدة. أعتقد أن الإجابة للسؤال الأول الذي طرحته في صدر المقال تكون إجابته أن المسؤولية يجب أن تكون تصاعدية وتبدأ من رئيس القسم إلى المسؤول الكبير، وعندما أتوقف عند منصب المسؤول الكبير، فلأن الجهات التي هي أعلى من الوزارة قدمت أمانتها كما هي بإذن الله، فعندما تقوم أنت بمنح المطلوب منك عندها تكون قد أديت أمانتك ويجب محاسبة الممنوح. المحاسبة هذا البند التائه وسط أمواج التقصير والإهمال ويضرب الفساد "العلمي" أطنابه بكل قوة داخله، فالوزير يعتمد على وكلاء، والوكلاء يعتمدون حتى على مديري مكاتبهم وتقارير وهمية ترتفع من رئيس قسم إلى أن يصل إلى الوزير وكله أوهام وأحلام عاشوها وهم نيام على مكاتبهم معتمدين على محاضر استلام للمشاريع غير واقعية ويكتفى فيها بالنظر فقط بدون تجربة شبه حقيقية على نتائج العمل الحقيقية، فمثل مشاريع التصريف تحتاج إلى تجربة شبه واقعية لتثبت نجاح المقاول في تأدية عمله قبل تسليمه مخالصة مستحقاته وأرباحه الخيالية. إنها مسألة معقدة أعلم ذلك. ولكنها لا تحتاج إلى أن يكون رئيس القسم متلحفا بالأمانة الوطنية وغطائها يبدأ منه وينتهى بالمسؤول الكبير.