مرة أخرى يضرب الإرهاب عاصمة غربية، هذه المرة باريس كانت على موعد مع سلسلة من التفجيرات الدامية والاعتداءات الوحشية. كالعادة تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية يتبنى العملية، العالمان الغربي والشرقي ينتفضان ويشجبان ويعلنان دعمهما لفرنسا المكلومة في أمنها وأمانها وكبريائها. بشار يتباكى على الضحايا ويعلن شجبه واستنكاره لما حصل ويحّمل العالم الغربي وفرنسا- بالذات-مسؤولية التخاذل في محاربة الإرهاب وكأنه ونظامه يجسدان الشرعية والقيم الإنسانية. وبالعودة إلى أحداث 11 من سبتمبر سنجد أن هذا الحدث كان مفصليا في تاريخ العالم، فبه بدأت حقبة ما يعرف بالحرب على الإرهاب، وأطلق بوش كلمته المشهورة "من لم يكن معنا فهو ضدنا" في محاولة منه لرص الصفوف والتناغم مع الأحلام الإمبراطورية الأميركية التي مازال العالم يعيش نكساتها حتى اليوم. كان سقوط برجي التجارة إيذانا ببدء الحملة العسكرية الأميركية، التي مازال العراق والمنطقة يعيشان آثارها السلبية حتى الآن. واليوم وفي تاريخ جديد يبدو أن الغرب ممثلا في أوروبا العتيدة على شفير هاوية، مرحلة تهور جديدة، مرحلة يعلن فيها الحرب على الإرهاب، وكالعادة ستكون منطقتنا العربية مسرحا لهذه الحرب التي ما زالت تحمل نفس المضامين والمسوغات. 14 من نوفمبر إصدار جديد ل11 من سبتمبر ولكن بذاكرة أكثر سعة تستذكر الماضي القريب الذي ما زالت مضامينه ومسوغاته ودواعيه ماثلة وحاضرة أمام شعوب العالم أجمع، والتحالف بذرته ما زالت تستطيع الانشطار والتكاثر لتجمع أكبر عدد من الدول وأكبر زخم من الشرعية التي تستطيع الأمم الكبرى تحديد مفاهيمها وأطرها الأخلاقية والسياسية والعسكرية. حتى المسرح لم يتغير فتعطش النجوم الكبار مازال ماثلا للعب أدوار البطولة على هذا المسرح الذي كان ومازال محطة لعرض واستعراض كل مفاهيم القوة التي تئد كل مشاريع المستضعفين للنهوض والإصلاح والحياة. بشار الأسد كان يمارس أدوارا مسرحية تستقي من الإرهاب وحربه حجة لديمومة عروضه واليوم فرنسا ومن ورائها أوروبا العجوز ربما تدفع دفعا للمشاركة في هذه العروض المسرحية للعب أدوار استعمارية تعيد رسم خارطة المنطقة العربية بما يتوافق وأهواء العالم الأكثر قوة ونفوذا. العالم كله أصبح جسدا واحدا تداعى للجرح الفرنسي شجبا وسهرا وحمى، المصيبة أن العرب هم أكثر الأمم في هذه الحرب تضررا ودفعا لفواتيرها، يكفي أن أرضهم ساحتها، ودماءهم وقودها، وبشار عرابها ومهندسها الجديد.