أرجع المدير السابق لوحدة اتصالات مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية ألبرتو فرنانديز استطاعة تنظيم داعش تجنيد نحو 20 ألف مقاتل أجنبي إلى نجاحه في استخدام المهارة الدعائية عبر وسائل التواصل والإعلام الاجتماعي، باللغات والآليات العالمية. وقال فرنانديز في تقرير صدر الشهر الجاري تحت عنوان "مواجهة شبكات دعاية داعش" إن التنظيم أصدر باللغة الإنجليزية، وباستخدام تقنية عالية الجودة، أشرطة فيديو قصيرة، منها أول شريط فيديو المسمى ب"صليل الصوارم"، وتضمن على مدى 62 دقيقة كل فنون أفلام الحركة "الأكشن" في هوليوود، من إطلاق نار وصواريخ من سيارات دفع رباعي ودوي انفجارات. ويقترح فرنانديز أن تتعاون الحكومات في التركيز على محتوى رسائل داعش ومواجهتها برسائل مضادة، وفضح شركات ووسائل الإعلام التي تدعم مرور الرسائل الإرهابية. كشف تقرير أميركي حديث أنه في ربيع عام 2014 طرح تنظيم داعش نفسه على العالم لأول مرة، ليس كفرع من تنظيم القاعدة أو كمنافس للفصائل المتطرفة المختلفة، وإنما تنظيم مستقل يستهدف جمهورا أوسع من سائر التنظيمات السابقة، استطاع أن يحقق في أسابيع قليلة أول إنجاز حقيقي على الأرض مع سقوط الموصل في العراق. التقرير الذي صدر الشهر الجاري بعنوان "مواجهة شبكات دعاية داعش"، عن مشروع بروكينجز: علاقات الولاياتالمتحدة والعالم الإسلامي، للمدير السابق لوحدة اتصالات مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية، والباحث في معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط، ألبرتو فرنانديز، قال إن داعش أصدر باللغة الإنجليزية وباستخدام تقنية عالية الجودة أشرطة فيديو قصيرة، من بينها أول شريط فيديو المسمى ب"صليل الصوارم"، تضمن على مدى 62 دقيقة كل فنون أفلام الحركة "الأكشن" في هوليوود، من إطلاق نار وصواريخ ومن سيارات دفع رباعي تجري في ميادين القتال، إلى دوي انفجارات، وتدمير قواعد عسكرية، وسقوط مدن بأكملها، فضلا عن القتلى والجرحى. وبدأ الفيديو بعرض خريطة الشرق الأوسط التي تتضمن سورية، ولبنان، والأردن، وفلسطين، والعراق، مع مسح لأجواء مدينة الفلوجة ومحافظة الأنبار، بما يوحي بأن قوات داعش على مرمى حجر من المسجد الأقصى المبارك. على حين غرة ومع سقوط الموصل في يوم 10 يونيو 2014، بدأ مشروع داعش على الأرض يكتسب زخما عالميا لفت أنظار الجميع، حيث ظهرت مجموعات من الرسائل المهمة بجودة فنية عالية، تمكنت من الوصول إلى جمهور دولي وعامة المسلمين في العالم. من بين هذه الرسائل "نهاية سايكس - بيكو"، وإلغاء الحدود بين سورية والعراق التي هي من صنع الإنسان. وكذلك جاء التسجيل المعنون "لا حياة بدون قتال"، وهو فيديو يضم لأول مرة مقاتلين بريطانيين وأستراليين وغيرهم من الأجانب، بما يوحي بأن انتصار داعش بات وشيكا. واعتبارا من مطلع العام 2015 استطاع التنظيم تجنيد أكثر من 20 ألف مقاتل أجنبي، والسبب الرئيس لذلك هو استخدام المهارة الدعائية عبر وسائل التواصل والإعلام الاجتماعي، باللغات والآليات العالمية بدلا من الاقتصار على فئة معينة في العراق وسورية. أما الجهود المبذولة لمكافحة تأثير آلة داعش الدعائية فقد كانت غائبة من الناحية المبدئية وغير فاعلة في أفضل الأحوال. رغم وجود جهود كبيرة بذلتها المملكة العربية السعودية، والولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة، لمواجهة رسائل تنظيم القاعدة. تغيير الأرض ويقترح المؤلف أن تتعاون الحكومات في التركيز على محتوى ومضمون رسائل داعش ومواجهتها برسائل مضادة، يسهل على المواطنين إيجادها لا أن نمنع نشرها. كما يجب فضح شركات وسائل الإعلام الاجتماعي التي تيسر وتدعم داعش عن طريق نشر وتوزيع رسائلها الإرهابية. لكن تظل أفضل وسيلة لمكافحة تلك الرسائل هي وضع سياسات جديدة، من شأنها تغيير الظروف التي تستقطب المقاتلين إلى صفوف التنظيم من جميع أنحاء العالم. لأن أي دعاية في النهاية تستمد من الواقع "المظالم الحقيقية" في سورية والعراق وبلدان أخرى، حيث نشأ وترعرع التنظيم الإرهابي تلو الآخر، وليس العكس. نجاح وسائل الإعلام الاجتماعي في تجنيد عشرات الآلاف من المسلمين في جميع أنحاء العالم على رقعة صغيرة وفي أيام معدودة، ليس بعيدا عن الواقع السياسي والعسكري على الأرض. فقد سمح المجتمع الدولي وأسهم في ظهور داعش بسبب تراخيه في مواجهة الحرب الأهلية في سورية لسنوات، بل هو المسؤول عن استفحال هذه الظاهرة التي تركها تنمو أمام عينيه، بانتظار أن يحدث بسببها توافق إقليمي في المنطقة. السماح لنظام فاسد بتولي السلطة بعد ثماني سنوات من غزو العراق عام 2003 وتدمير أجهزته المناعية، سمحت واشنطن لنظام فاسد طائفي بتولي السلطة في العراق، ومن ثم تهيئة الظروف المثلى لظهور التطرف، فلو لم يكن هناك نوري المالكي، لما أعلن أبوبكر البغدادي عن تنظيمه بعد سقوط الموصل في يونيو 2014 والسيطرة على ثلث العراق. ويركز داعش على فكرة معقولة ومنطقية في دعايته، وهي أن التنظيم هو البديل عن "الدولة الفاشلة"، مع تقديم الوعود الدينية الطموحة، ما يجعل من مشروعها حلما يراود الجميع تحقيقه. ودون إيجاد الدولة القوية البديلة التي تضم كل أطياف المجتمع العراقي سوف تخسر الولاياتالمتحدة والتحالف معركته على الأرض.