مع تراكم التحصين الديني لدينا الذي تلقيناه في تعليمنا، مضاف إليه الطرح الهائل من المعرفة الدينية المختلفة التي نعيشها الآن عبر قنوات إعلامية متعددة، والتي سوف نغض الطرف قليلا عن مدى مصداقيتها ورصانة بعضها في الطرح، هناك سؤال يطرح نفسه هل أسهم هذا الزخم المعرفي الديني في الارتقاء بفكرنا وسلوكنا وأخلاقنا؟ إننا مع الأسف نرى في الغالب سلوكا مشينا أقرب إلى الهمجية يصاحبه قول فظ وغليظ ينحدر أحيانا إلى الحضيض، يعكس صورة سلبية في كافة أنواع التعامل في حاضرنا، على الرغم من طول عمر وتجذر أخلاقنا الدينية التي ظهرت في عهد النبوة. سوف أعرج هنا على قول واحد قاله نبي الرحمة، وهو قول من عدة أقوال كثيرة فقط لمجرد التذكير، يقول الرسول، صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل صائم النهار). إنك تقع في حيرة وتعجب من ذلك الإقبال الشديد في ممارسة العبادات وكثرة الأذكار على نحو ملفت يصاحبه الحث المسهب الذي لا ينقطع عبر الخطب والمحاضرات واللقاءات الدينية العامة، وعبر برامج التواصل الاجتماعي في الوصول إلى القول الصادق الموثق والتطبيق الصحيح يصل إلى حدة الصرامة. يقابله الوقوع المخزي في الكذب والغش والاحتيال والنصب بشكل يفسره البعض على أنه أحيانا شطارة وذكاء وقدرات عقلية مذهلة، وهي السائدة الآن ولا يقتصر عند هذا الحد، بل يتعداه إلى الأخلاق المرتبطة بالسلوك، والتي أشرنا إليها سابقا وتعكس صورتنا الحقيقية عند التعامل في الشارع وفي المحلات العامة والمتنزهات والأسواق وحتى في مجال العمل، إنها تعد ممارسات مقيتة تثير الاستهجان والاشمئزاز، تؤكد أن التحصين الديني لدينا لم يصل إلى التغيير المطلوب الذي يعطي الصورة الصادقة عن شخصية المسلم.