شن أعضاء مجلس الشورى أمس انتقادات لاذعة للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة"، بسبب تراجع البلاغات التي تتلقاها، إلى جانب ارتفاع عدد الجهات غير المتعاونة معها إلى 16 جهة حكومية. وعدوا انخفاض البلاغات من 6 آلاف إلى 4484 بلاغا خلال عام واحد دليلا على حالة الإحباط التي وصل إليها المواطن من أعمالها. وكشفت مناقشة المجلس التقرير السنوي الأخير للهيئة تأخرها في استرداد الأموال الناتجة عن جرائم الفساد، وشكواها من عدم تعاون المحاكم معها في أحكام الفساد. وجه أعضاء مجلس الشورى انتقادات ساخنة إلى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة"، مشيرين إلى ارتفاع عدد الجهات غير المتعاونة مع الهيئة إلى 16 جهة العام الماضي، بعد أن كانت تسع جهات في العام الذي قبله. وأشار الأعضاء في مداخلاتهم خلال جلسة المجلس أمس إلى أن الأرقام التي تتحدث عن انخفاض البلاغات التي تلقتها الهيئة مقارنة بالعام السابق، لا تعد دليلا على انخفاض جرائم الفساد، بل قد تعكس حالة الإحباط التي وصل إليها المواطن من قدرة الهيئة على التحقيق في بلاغه. وحذر عضو بالمجلس من انجراف الهيئة خلف مهمات تحصيل الأموال على حساب دورها الوقائي. وكشفت الهيئة في تقريرها عن ارتفاع متوسط قدرة المملكة على مكافحة الفساد إلى 58%، فيما بلغ عدد البلاغات التي وردت للهيئة 4484 بلاغا العام الماضي، ما يعكس تراجع أعداد البلاغات عن العام الذي قبله حيث استقبلت الهيئة ستة آلاف بلاغ. استرداد الأموال جاء ذلك خلال مناقشة التقرير السنوي الأخير للهيئة عن طريق لجنة حقوق الإنسان والهيئات في المجلس، التي أوضحت أن الهيئة ما تزال متأخرة في استرداد الأموال الناتجة عن جرائم الفساد، حيث قامت الهيئة بمتابعة استرداد أموال لعامين متتاليين بلغت 14 مليونا و700 ألف ريال مختلسة من مسؤول سابق في مؤسسة النقد العربي السعودي، ومتابعة استرداد مبلغ مليونين و275 ألفا مختلسة من محصلي بلدية محافظة القريات. وذكرت اللجنة أنها تعاني من متابعة محصلة الأموال المختلسة من المال العام، موضحة أن الهيئة ما تزال متراجعة في تأديتها لاختصاصاتها ومهماتها المتعلقة بمكافحة الفساد. وأشارت إلى أن هناك تراجعا في البلاغات التي تدخل في اختصاصات الهيئة حيث بلغت 1278 بلاغا في عام التقرير. وأكدت الهيئة للجنة أن المحاكم لا تتعاون معها في توفير نسخ من الأحكام القضائية الصادرة في قضايا الفساد ما يعطل متابعة الهيئة لاسترداد الأموال. توصيات اللجنة من جانبه، أوضح مساعد رئيس مجلس الشورى الدكتور يحيى الصمعان في تصريح صحفي عقب الجلسة، أن اللجنة أوصت في تقريرها بتمكين الهيئة من الحصول على النسخ النهائية للأحكام القضائية الصادرة في قضايا الفساد. كما أوصت اللجنة برفع المستوى التنظيمي للمباحث الإدارية إلى مديرية عامة، وتعزيز اختصاصاتها لتشمل ضبط جميع جرائم الفساد المتصلة بالوظيفة العامة. وطالبت اللجنة في توصيتها الثالثة الهيئة، بالعمل على التأكيد على قيم النزاهة والشفافية في المنظومة التعليمية بالتنسيق مع وزارة التعليم. مداخلات الأعضاء وأضاف الصمعان أن المجلس، وبعد أن استمع لتقرير اللجنة وتوصياتها، أتاح الفرصة للأعضاء لإبداء آرائهم وملاحظاتهم بشأن التقرير، حيث رأى أحد الأعضاء أن استمرار مشكلة عدم تعاون الجهات الحكومية مع الهيئة، يؤكد أنها ما زالت بعيدة عن تحقيق أهدافها في تطوير البنية التحتية للشفافية، مطالبا الهيئة بالتعاون مع المجالس والهيئات الرقابية ذات العلاقة للرفع من مستوى ممارساتها. وطالب عضو آخر بدعم خاص للهيئة من مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ومحاسبة الجهات غير المتعاونة مع الهيئة، مشيرا إلى أن المملكة تواجه تحديات اقتصادية تتطلب الحزم في مواجهة الفساد والعبث بالمال العام. فيما طالب عضو آخر بتركيز المناهج الدراسية على تعزيز قيم النزاهة ومكافحة الفساد، والاستفادة من التجارب الدولية الناجحة في هذا المجال وأن تكون البداية من حيث انتهى الآخرون. وتساءل أحد الأعضاء عن تقييم الهيئة للاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، التي مضى على صدورها سبع سنوات، مطالبا الهيئة بالنظر في تعديل الاستراتيجية في ظل عدم تعاون الجهات الحكومية وعدم امتلاكها صلاحيات ملزمة لتلك الجهات. ورأت إحدى العضوات أن توصية اللجنة التي تدعو وزارة التعليم إلى التأكيد على قيم النزاهة والشفافية في المناهج متحققة، لافتة إلى أنه على الرغم من أن الطلاب يتلقون حصصا مكثفة في الدين والثقافة والتربية، إلا أن الوعي بالفساد ومكافحته ما زال دون المستوى. وفي نهاية المناقشات، وافق المجلس على منح اللجنة مزيدا من الوقت لدراسة ما طرحه الأعضاء من آراء ومقترحات، والعودة بوجهة نظرها إلى المجلس في جلسة قادمة.