تعهد وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح آل الشيخ بألا يتمكن كائن من كان خلال ال50 عاما المقبلة من اختراق فكر مواطنيها، مستدركا "لن يكون هناك مدخل علينا إلا بالفوضى". وحذر الوزير من أن يكسب الساعون إلى خلق الفوضى مطامعهم لإيقاع المجتمع في شراك فتنهم وفوضاهم، لافتا إلى أن جهات إقليمية ودولية تقف وراء ذلك، ليسهل عليها تمرير مشاريع التقسيم والعدوان والاقتتال الداخلي، إضافة إلى تدهور الاقتصاد. جاء ذلك في ختام برنامج التأصيل الشرعي لفقه الانتماء والمواطنة أمس في الرياض. "الوطن" سألت الوزير عن الجهات الإقليمية والدولية التي يعنيها، واستأذنته في تسمية الأشياء بأسمائها، إلا أنه أشار إلى عدم رغبته في ذلك، مؤكدا أن هذا الأمر واضح ولا يحتاج إلى ذكر الأشياء بعينها. وقال آل الشيخ: اللبس القائم في المجتمع حول حقيقة وجود الانتماء والمواطنة في الشرع، جعلنا نطرح هذا البرنامج، وليس عيبا أن نعالج مشكلاتنا، فهذا الجانب لم يأخذ حقه، وجاء هذا البحث لتحقيق فهم أوسع وأدق. وشدد على ضرورة اجتماع الكلمة بين المواطنين كافة، محملا أئمة وخطباء المملكة مسؤولية إيصال الحق إلى المجتمع، ومحذرا من انتشار الأحقاد بين المواطنين التي لا ينتج عنها إلا بالفوضى. كما دعا إلى البعد عن الطعن في بعضنا البعض. وقال "البغضاء بين المواطنين هي التي تفرق وتوقع بمجتمعنا"، طالبا من الحضور التركيز على أبعاد برنامج التأصيل الشرعي لفقه الانتماء والمواطنة وفهمه الفهم السليم، وأنه أبعد من أن يكون مجرد اجتماع اعتيادي يقام سنويا. الوطن أولا من جانبه، أكد وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد لشؤون المساجد والدعوة والإرشاد الدكتور توفيق السديري أن أمن الوطن يحتل مرتبة متقدمة في سلم أولويات منسوبي الوزارة من دعاة وأئمة وخطباء وعاملين في المجال الدعوي. وقال السديري خلال محاضرة بعنوان "شبهات حول الانتماء والمواطنة والرد عليها"، ضمن برنامج التأصيل الشرعي لفقه الانتماء والمواطنة الذي تنظمه وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في الرياض مساء أول من أمس، إن موضوع الانتماء والمواطنة والتركيز عليهما وشرحهما وتفنيد الشبه حولهما من أهم مهمات المرحلة الراهنة. وبدأ السديري معرفا لمصطلحي الانتماء والمواطنة في اللغة، مبينا أن معنى فقه الانتماء والمواطنة هو الفقه الشرعي لمعنى الانتماء للوطن وآثار ذلك، ومعنى المواطنة والوطن في الشرع تأصيلا وتفريعا. كما أكد السديري أن الهيبة التي تمتلكها المملكة هيبة متنوعة الأسباب، ومن هذه الأسباب مكةالمكرمة والمدينة المنورة، ولذلك الشعور بالانتماء والمواطنة الذي نفرح به ونعتز به أكثر وأكثر هو حبنا لبلدنا ودولتنا المملكة العربية السعودية التي أعظم ما فيها مكة والكعبة المشرفة، والمدينة ومسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومثوى رسول الله، صلى الله عليه وسلم. الكتاب والسنة بعد ذلك تحدث السديري عن أصول الانتماء والمواطنة من القرآن والسنة النبوية، وقال: إننا ننطلق في جميع أمور حياتنا العامة والخاصة من منطلق أساسي ورئيسي لدينا ألا وهو القرآن الكريم والسنة النبوية، ننطلق من ديننا وعقيدتنا، والمنهج القويم الذي قامت عليه هذه البلاد المباركة منذ نشأتها الأولى وحتى وقتنا الحالي، فالارتباط بالقرآن الكريم والسنة النبوية، متركز في أدبياتنا، ومعاملاتنا، وفي أخلاقنا ونصدر من خلالهما ونتوقف إذ أمرنا بالتوقف. وأشار السديري إلى أن موضوع الانتماء والمواطنة ورد في القرآن الكريم في عدة آيات وأحاديث نبوية، يقول الله -جل وعلا-: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير)؛ فالآية الكريمة تدعو الناس إلى الارتباط والانتماء تحت مسمى القبيلة أو الشعب ما لم يكن في ذلك مخالفة للإسلام وتعاليمه وأوامره، وقال عليه الصلاة والسلام: "والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله عز وجل ولولا أني أخرجت منك ما خرجت". مفهوم الانتماء وبين السديري أن في هذا الحديث بيانا لمفهوم الانتماء للأرض وحب الوطن والبلد الذي نشأ فيه الإنسان وترعرع فيه وارتبط بترابه وبأرضه، وهذا فعل وقول النبي صلى الله عليه وسلم. وزاد السديري قائلا: أما الانتماء إلى الدولة أو الوطن وحبه والدفاع عنه والذود من أجله، فكثيرة هي النصوص التي دعت إليه، والسلف -رضوان الله عليهم- ما تركوا شاردة ولا واردة في هذا الأمر إلا وأصلوها وبينوها أفضل البيان وأعظمه، وذلك فيما يتعلق بولاة الأمور والسمع والطاعة لهم وحب الوطن وعدم الخروج على ولاة الأمر، والانتماء إلى البلد ومعناه الانتماء إلى قيادتها، وولاة أمرها والسمع والطاعة لهم في المنشط والمكره.