لا يساور عاقل أدنى شك بأن تنظيمي داعش وحزب الله ما هما إلا حدين في سكين إيرانية تغرسها طهران متى شاءت وفي أي خاصرة عربية تريد، فالمتابع لأيديولوجيا التنظيمين وحراكهما الدموي على الأرض يتضح له وبجلاء مدى تطابقهما في الهدف، فالتنظيمان يكنان العداء ويضمران الشر لدول الخليج العربي والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص. لذا كان لهما المسعى ذاته في جذب شباب دول مجلس التعاون بشقيهم السني والشيعي من خلال المغنطة العاطفية المذهبية وتوظيفهم حركيا لأمرين: إما لزعزعة الأمن في داخل أوطانهم، أو جرهم إلى أتون مسالخ الصراع ليموتوا في سبيل المنفعة السياسية الإيرانية، حيث ثمة قواسم مشتركة تجمع التنظيمين وطهران قد جعلت الأخيرة تفتح لهما أبواب خزينتيها المالية والعسكرية، إضافة إلى تجنيدها لجهازيها الإعلامي والاستخباراتي لدعم ذلك العبث. لذلك باتت طهران في مأمن عن مفخخات القاعدة وانتحاريها طيلة تاريخي القاعدة وابنتها داعش التي ولدت لاحقا من رحمها التنظيري، بل وفرت طهران الحضانة الدافئة لقادة القاعدة بعد أحداث منهاتن عام 2001 فلو استحضرنا مشهد الصراع السوري على سبيل المثال لا الحصر، لتبين لنا مدى الارتباط الوثيق الذي يجمع التنظيمين وإيران معا، فحزب الله اللبناني يقاتل في سورية نصرة لابن طهران البار بشار الأسد لاحتسابات سياسية، أيضا نجد داعش تقاتل في جبهات مماثلة لذات الهدف، وإن رفعت راية الجهاد في سبيل الله وادعت أنها هناك لمقاتلة النظام السوري وممن يدورون معه في الفلك الإيراني، فداعش في سورية كحزب الله، لا تقاتل إلا الجيش السوري الحر، ولا تفتح جبهاتها الدموية إلا في المناطق التي يسيطر عليها، بل حفرت خنادق الموت للحد من تقدم المعارضة المعتدلة على الأرض لصالح النظام، ودبرت لها ولقادتها صنوف الكمائن، فداعش لم تخض معركة واحدة ضد النظام وشبيحته أو أنها فتحت جبهات لمقاتلة حزب الله والحرس الثوري الإيراني الذين يقاتلون بشراسة مع النظام أو أنها تعرضت بسوء للميليشيات الطائفية التي تقاتل تحت المظلة الأسدية، والعكس صحيح، بل حتى قائمة الأسرى التي اعتادت داعش أن تمرر سكاكينها الحادة على رقابهم أو ممن تطلق عليهم الأحكام بالردة قد خلت من عناصر ذلك المحور. داعش تقتسم اليوم محافظتي الرقة ودير الزور النفطيتين مع النظام وتجول أرتالها الشوارع ليل نهار دون أن تطالها براميل الأسد المتفجرة أو طائرات السوخوي. والملفت للنظر أن داعش بدأت ببيع النفط بالليرة السورية حينما شارفت على الانهيار دعما لاقتصاد الأسد. ناهيك عن الأسد نفسه الذي سلم محافظة تدمر بالكامل لداعش وفتح لها أكبر مخازن أسلحته، والتي بدورها قامت بهدم أكبر سجونه التي تشهد بجرمه تزامنا مع تصفيته للشهود من رموزه على جريمة قتله لرئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، رحمه الله. فكفى هؤلاء دجلا.