الشيطان يجر الإنسان إلى الابتلاءات والمصائب، فلقد نزل على قبيلة من القبائل خبر كالصاعقة كادوا أن يخسروا ابناً لهم قدر الله أن يقتل ابن إحدى القبائل الأخرى. فسحقاً لهذا العمل الذي كان الشيطان هو من أوزع به، وكان الذي حرك ذلك الشاب وجعله يقتل نفساً، وجعل الأمهات والآباء والقبيلتين يذرفون الدموع التي أحرقت الوجوه على من مات وعلى من جعله الشيطان يتجرع كأس الألم والندم والحسرة بعد فوات الأوان، والكل ذاهب إلى الله في مماته والسعيد من يلقى ربه عز وجل وقد كفل يتيماً أو فرج كربة أو أعتق رقبة. وها هم مشايخ ووجهاء القبيلة ينطلقون إلى وجهاء ومشايخ تلك القبيلة المنكوبة وولي أمر الدم ليذكروهم بأن من أحيا نفساً كأنه أحيا الناس جميعاً وأن كل شيئ يطلبونه سوف يجدونه، على الرغم من أن الجروح تنزف والدموع تنهمر والقلوب تحترق والأنفاس تضيق والأقدام لا تسير. حصل التنازل بمشيئة الله تعالى، فمرحا لمن كظم غيظه وعفا وأصلح بأمر من أمور الدنيا التي لا تسوى ضحكة المفقود وجلوسه بين أهله، فهي لا تعجز قبيلة شامخة وعريقة فزعت بأرواحها ودحرت الفرس، وأفعالها يشهد لها التاريخ والأموال ليست بكثيرة على أم وأب فقدا أغلى ما يملكان في هذه الحياة، فأسأل الله العظيم أن يجبر مصابهم ويهدي من روعهم، ونحسبهم قد احتسبوا عند الله وعفوا وأصلحوا، فهذا هو الظن الحسن الذي يجب أن نتحلى به فلا شيء يعادل فقدهم لأبنهم، وربما هم أرادوا معاقبة المخطئ وتعجيزه، كل هذا وارد ومن حق أي إنسان أن يطلب ما يطلب عندما يكون صاحب حق، وعيب علينا أن نفرض عليه ونجرح مشاعره ونقتله من جديد بدعوى انتقاد أخذه مبلغا من المال مقابل العفو. والخلاصة: يجب أن يدرك الجميع بأنه لو كانت هناك مخالفة شرعية لتصدى لها مفتي هذه البلاد الطاهرة.