وحدهما الوالدان من يحترق قلباهما على فلذات أكبادهما، وعندما ينتظر الوالدان -تسعة أشهر- قدوم مولودهما يكونان في أشد الشوق إليه، ويحرصان على رعايته منذ أول قدومه إلى الدنيا، ولكن الفاجعة ألاّ يصل إليهما! ويظلان يبحثان عنه مدة لا يعلمها سوى الله. هذا هو لسان حال الأبوين اللذين اختفى طفلهما منذ ولادته قبل أكثر من سنتين في إحدى المستشفيات السعودية دون أن يشاهداه حتى اللحظة مع شديد الأسف، وفي الوقت الذي نفاخر به العالم ما وصلت إليه مستشفياتنا من تقدم وما يحظى به الوطن من مدن طبية، ومصحات متقدمة، تظهر فاجعة فقد أم لمولودها منذ لحظة الولادة قبل أن تراه، والعجيب في الأمر أن البحث عنه طال أمده إلى أن تجاوز السنتين. هذه الحادثة التي صعق منها الكثير من الناس عند تلقيهم الخبر، وتداول وسائل الإعلام لها جعلتهم يعيدون النظر مرات عديدة في خوض التجربة والذهاب إلى تلك المستشفيات مرة أخرى، وإذا كان هذا هو حال بعض الناس فكيف بحال الأبوين اللذين يرقبان ما تجود به نتائج البحث عن طفلهما الذي سُلّم لأبوين آخرين، هناك أخطاء يتعدى ضررها إلى مدارات متباينة، فمن المعلوم أن الطفل تم تسليمه إلى أسرة أخرى بالخطأ. كلنا نتذكر حادثة الطفلين في نجران بعد تسليم الطفل السعودي لأسرة تركية، والعكس وكانت أقرب إلى الروايات والأساطير الخرافية، ولكن البعض جعلها نشازا لا يتصور تكراره، وما هذه الحادثة إلا كشف عن الأخطاء الطبية التي يتجرع ألمها الناس سنين طوالا، ولا يمكن لأي تعويض أن يجبرها. في عام 1428 عقد مؤتمر في الرياض عن الأخطاء الطبية الشائعة، ونشرت إحدى الصحف أن أحد المواطنين شكا من خطأ طبي أودى بحياة ابنه، وجاء في الخبر أنه كان يتحدث وهو يحمل جزءا من عظمة جمجمة ابنه معه، وسمع صوت بعض النساء الحاضرات وهن يبكين من هول المعاناة ولكن المأساة لم تتغير، وظلت الأخطاء متواصلة، ولك عزيزي القارئ أن تتصور ما يهاجم به كل مريض تبدر منه أي إساءة لمن يعمل في الوسط الصحي، ولكن عندما يقع التفريط أو الإهمال من قبل الممارس الصحي فالمطالبة بالحق حينها تكون عسيرة.