رسمت تقارير اقتصادية وصحافية غربية تناولت سوق النفط العالمية خلال الفترة الماضية مشهدا تشاؤميا لمستقبل أسعار النفط، وسط تقديرات متباينة من جهة ومتناقضة من جهة أخرى، إلا أن خبيرين سعوديين وصفا ما تناولته هذه التقارير بعدم الدقة والتناقض، مؤكدان ل"الوطن" أن مستقبل سوق النفط ما زال واعدا، وما زالت الأسواق العالمية بحاجة لمنتجاتها وأنه من الطبيعي أن تمر أسواق العالم جميعها بمختلف مجالاتها من التراجع والتقدم بناء على المعطيات السياسية والاقتصادية. النفط الصخري وأثارت عدد من التقارير خلال الفترة الماضية شكوكا حول مستقبل إنتاج منظمة "أوبك" من النفط، وهبوط الأسعار إلى مستويات أدنى من الحالية خلال الأعوام الماضية، نظرا لأسباب عدة من بينها تطور استخراج النفط والغاز الصخري وقلة كلفته المرتقبة. وشكك الخبير الاقتصادي محمد البدر في حديثه ل"الوطن"، بصحة بعض التقارير المتعلقة بالطلب على النفط وحال الاقتصاد العالمي، معتبرا أن 70% من هذه التقارير مغرضة، واصفا تقارير صندوق النقد الدولي أيضا بعدم الدقة، مشيرا إلى أن بعض تقارير الصندوق يشوبها شيء من التناقض، وتعكس توجها معينا لمصلحة طرف دون آخر. واستبعد البدر تأثر سوق النفط بتباطؤ الاقتصاد العالمي، كما تشير بعض التقارير التي تعتمد في طرحها المتشائم على تراجع نمو الاقتصاد في الصين واليابان، معتبرا تراجع هذه الاقتصادات بالطبيعي كونها كانت في مرحلة طفرة في السابق، أما الآن فتعود إلى وضعها الطبيعي، مضيفا: "وفي المقابل نجد أن الاقتصاد الأوروبي مستقر ويسير بوتيرة جيدة والمؤشرات تدل على نمو مستقبلي فيه". كما بدد البدر من مخاوف تأثر سوق النفط بزيادة المعروض بعد اتفاقية رفع حظر تصدير النفط الإيراني، قائلا: "النفط كان يستخدم سياسيا في السابق للضغط على روسيا ومن ثم إيران، كما أنه لن يكون هناك زيادة في معروضات النفط كون الدول التي يتوقع منها زيادة في الإنتاج مثل العراق وليبيا هي دول غير مستقرة وعدم استقرارها لا يساعدها في زيادة الإنتاج بنسب تؤثر على أسعار النفط وتسبب تخمة في المعروض". احتياطيات المملكة وأبدى البدر استغرابه من بعض التقارير التي دائما ما تضع المملكة تحت المجهر وتحاول إعطاء تصور متشائم لوضعها المالي، بالرغم من امتلاك المملكة لاحتياطي كبير جدا، مضيفا: "مهما استمر انخفاض أسعار النفط فلن يؤثر ذلك على اقتصاد المملكة"، مشددا في الوقت نفسه على دخول النفط في جميع الصناعات ولن يكون هناك تراجع في الطلب عليه. وطالب الخبير البدر بأن تتخذ السعودية ودول الخليج إجراءات صادمة لإعادة أسعار النفط إلى وضعها الطبيعي كخفض الإنتاج بنسبة 50%، مشددا على أن أي إجراء لا يتسبب في هز سوق النفط العالمي لن يكون له تأثير ولن يحقق الهدف المرجو منه. من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور راشد أبانمي التقارير المتعلقة بالطلب والمعروض النفطي المستقبلي، تقديريه وأنها تتأثر بالأحداث السياسية والاستقرار في المناطق المصدرة للنفط، مشيرا إلى وجود تناقض وغير دقيقة في بعض التقارير. تأثير تراجع الاسعار الدكتور أبانمي لم يخف عدم تفاؤله بعودة الأسعار إلى ما كانت عليه قبل العام 2014، مؤكدا أن التقارير الصادرة أخيرا سلبية وتشير إلى تراجع الأسعار لما دون ال40 دولارا للبرميل، أو أنها قد تستقر بين 40 و 50 دولارا للبرميل، وذلك بسبب الظروف السياسية وتأثر الطلب على النفط بتراجع نمو الاقتصاد العالمي، إلا أنه استدرك حديثه بقوله: "قد يحدث مستجدات سياسية في المنطقة يكون لها دور في الضغط على المؤشر وترتفع الأسعار إلا أنها لن تعود إلى الأسعار السابقة أو بلوغها مستوى 70 و 80 دولارا للبرميل. وتوقع أبانمي أن يبدأ التأثير الفعلي لتراجع أسعار النفط على منطقة الخليج بشكل واضح خلال عامين من الآن في حال استمرت أسعار النفط على وضعها الحالي، وذلك لأن اقتصاد دول الخليج يعتمد اعتماد كلي على تصدير البترول. كما توقع الخبير الاقتصادي أبانمي أن يكون رفع الحضر عن إيران وزيادة معروضات النفط في السوق السوداء تأثيرا بالغا على أسعار النفط، مضيفا أن الأحداث السياسية والاستقرار سيلعبان دورا في رفع أو خفض سعر النفط وذلك لأن سوق النفط حساس وسريع التأثر بالأحداث.