في حياة كل واحد منا شخص نشعر بوجوده بالأمل والفرح والطموح، نرى في تقاسيم وجهه غداً مشرقاً، وابتسامة بريئة تملؤنا تفاؤلاً وتشرح صدورنا، وتخفف عن النفس متاعب الدنيا وهمومها، قد تربطنا بهذا الشخص صلة قرابة أو صداقة، وربما لا نقابله كثيراً ولا نجلس بجانبه ساعات طويلة، لكن ثمة تواصل من نوع آخر يربطنا به، ويجذبنا إليه، فيمدنا بطاقة إيجابية، تقوي عزيمتنا وتدفعنا للأمام، ليس بالضرورة أن يكون هذا الإنسان ذا منصب رفيع أو ثقافة واسعة، أو أسلوب فريد أو مال وفير، بل على العكس من ذلك تماماً؛ بحيث لا يملك أياً من هذه المقومات، ولا يسعى للوصول إليها، كل ما في الأمر أن أحدنا يرى فيه ما لا يراه في غيره من الناس، ابحث في تفاصل حياة أي رجل أو امرأة ستكتشف أن لديه أو لديها ما يبهج الخاطر ويطمئن له الفؤاد حينما يعن على الخاطر ذكره. أحياناً لا ندرك أهمية مثل هؤلاء كما يجب إلا وقت بعدهم عنا، فحينما تبعدنا عنهم ظروف الدنيا لأي سبب كان؛ يزداد الشوق إليهم، ونتوق لوصالهم؛ كونهم يتركون فراغاً داخل أعماقنا لا يعوضه غيرهم، أما وقتما يسبقوننا للدار الآخرة، فإن طيفهم يظل يلاحقنا صباح مساء، وتبقى صورهم مطبوعة في أذهاننا لا تنفك عنها أبدا؛ وعندئذ ينتاب أحدنا إحساس غريب، لم يعتد عليه من قبل، ففقدان ذلك القريب أو الصديق أو الحبيب لم يخطر على البال، وبالطبع رحيله يُحدث اختلالا، ويورث في القلب طعنة يبقى ألمها ما بقيت الروح في الجسد. حقاً ثمة أناس ليس لهم بديل، وليس لهم مثيل، في غيابهم تصبح الحياة رمادية اللون، لا قيمة لما نملكه ولما نحققه فيها، كل شيء نفعله يصبح تأدية واجب لا أكثر، ومهما حاولنا تسلية النفوس وتناسي المفقود؛ تبوء محاولاتنا بالفشل، طبعاً ترى بعضهم ضحوكا كما كان، بيد أن داخله لم يعد كما كان، من يقرأ في عينيه أمل الأيام، أبعدته الأيام ..!، لكن هكذا هي الدنيا لقاء ووداع، فرح وترح، تتقلب وتتلون، تفاجئ ابن آدم بما لم يكن في الحسبان.