لا شك أن من "أكل الجو" فعلا في رمضان هذا العام ثلاث شخصيات لها مكانتها المرموقة من ناحية الرسائل الإنسانية، وهم الفنان ناصر القصبي والمخرج أوس الشرقي عن #سيلفي، وأحمد الشقيري عن #خواطر مع حفظ الألقاب. رامز جلال رغم تفاؤله لم يأكل الجو كما توقع. ليس ذلك موضوع مقالي.. إنما هو مجرد مدخل لحالة حدثت وكانت إحدى حلقات خواطر سببا في حدوثها.. ففي إحدى حلقاته المفيدة والتي (أكلت الجو) تحدث برنامج الشقيري عن أهمية الرفق بالحيوان.. كانت طريقة اختيار الصور والسرد والأفكار كلها مؤثرة وتمس القلوب الرحيمة كما المعتاد.. طرح البرنامج أحد السبل للرفق في الحيوان ومنها كفالة مخلوقات يتيمة لمنع انقراضها وموتها.. بدوري تضامنت مع الهاشتاق المخصص للبرنامج، وفورا قمت بكفالة فيل أنثى من كينيا الأفريقية عن طريق الإنترنت، وكتبت في تغريدة ذلك وحمدت الله أنني أستطيع أن أفعل الخير. المفاجأة عزيزي القارئ كانت في ردود الفعل السطحية على مواقع التواصل.. وكأني ارتكبت جريمة في الشهر الفضيل، الكل بدأ يتساءل عن أيتام البشر وهل كفلت أيا منهم؟ نسي الجميع -خاصة ممن هاجمني- أنني سفيرة نوايا حسنة سابقة للهلال الأحمر، وأنني حملت قضية الأيتام والأرامل في العراق.. نسي الجميع أنني كرست العام الفائت لدعم النازحين واللاجئين منذ بداية الحرب على داعش. إذن.. ترى هل هو هجوم تويتري مقصود يقف خلفه أعداء نجاح؟ إذا كان كذلك فهو أهون، لكن أن يكون الهجومُ ناتجا عن نقص في مفهوم عمل الخير وقصره على البشر فقط، فتلك مصيبة؟ كيف ينسى أغلب الناس أن عمل الخير له أوجه عديدة؟ وهل التوصيات التي حملتها الأديان السماوية عن الرفق بمخلوقات الله تعالى لا تستحق الاهتمام؟ هل تغاضى عنها الجميع؟ فكرت في كم الأحاديث النبوية الشريفة وقصص التاريخ العتيقة التي تكشف المدى الواسع جدا لمعنى الإحسان.. واستوقفتني سطحية مفهوم الخير في مجتمعنا.. لكن في الكفة الثانية أنا أفهم أن ظرفنا في منطقتنا العربية استثنائي جداً.. وأعلم أن عدد ضحايا إرهاب داعش ودوامة العنف في بلدي -العراق- وسورية فاق عدة ملايين.. أفهم أن حرارة صيفنا اللاذعة قتلت نازحي بغداد.. أفهم أن مصير النساء السبايا الإيزيديات ما زال مجهولا.. أفهم أن أفلام القتل ورخص الدم البشري وصلت أوجها. أفهم كل ذلك وأعرف من يجب أن تكون له الأولوية في الإحسان في زماننا هذا.. لكن حبذا لو وسعنا دائرة ومدى العمل الخيري ليشمل البشر والبيئة، لنكون بذلك وصلنا مرحلة أرقى وأبعد في مفهوم الرحمة. إنني أوجه من خلال مقالي الرمضاني الخفيف هذا دعوة لتربية جيلنا المقبل على مفهوم الإحسان والرحمة على مدى واسع ونبيل، ليشمل البشر جميعا دون تمييز، إضافة إلى رعاية بيئتنا الربانية الجميلة.. حبذا لو فعلنا ذلك.