التلفزيون نعمة أم نقمة، للتسلية أم للإفساد، للمعرفة أم للتجهيل؟ أسئلة كثيرة يمكن التقاطها من ألسنة الأباء والأمهات. نحن حائرون، ومجلة "داير جيست" الشهيرة وضعت عنوانا عريضا ذات يوم لعشر صفحات يقول "اقفل جهازك واخرج للحياة"؛ لكن هذا مثل من يقول: اغمض عينيك وامش في طريق مزدحم. فالقنوات الفضائية تحولت إلى عيون وآذان، حتى صدق عليها قول الأمريكي فريد ألن: "لاحظوا أن كل شيء موجه إلى العين، ولا شيء للعقل وفي الأجيال القادمة سنرى أعين الناس بحجم حبة البطيخ برؤوس صغيرة خالية من العقول". لقد أصبح التحكم بالبث الفضائي معضلة الأسرة المعاصرة. ففي القناة الواحدة تجد نوعا من أنواع السلطة البشرية، خلطوا فيها البراءة مع العري والدين والشعوذة والقمار في طبق واحد. الفنان المعروف عبدالله رشاد كشف لنا عن تقنية جديدة تخلصنا من تذوق هذه السلطة إجباريا فكتب في موقع "حوار وتجديد" (http://www.hiwart.net/articles-action-show-id-83.htm ) النرويجيون كشفوا عن تقنية جديدة في مجال الاتصال الفضائي؛ فقد حولوا القنوات الفضائية التي تبث على الشاشة إلى موقع إلكتروني فضائي يسمح لكل شخص أن يختار المواد المرئية وقتما يشاء عبر تقنية البحث والتنقل في قائمة القنوات الفضائية؛ كما تسمح له بمتابعة المواد التي تبث على الهواء مباشرة. وبهذه الطريقة سنتمكن من الارتقاء بالذوق العام من خلال حرية اختيارنا للبرامج والمواد المفيدة، وليست المفروضة علينا. ويعتقد الفنان عبدالله رشاد أن هذه التقنية قد تحد من الضرر الواقع على مجتمعاتنا الإسلامية. ما نعرفه عن الفنان أنه ينتمي إلى أسرة متدينة، وهو نفسه كما عرفناه رجل متدين، ومن هنا جاءت بشارته التي يعتقد أنها ستحد من انحلال المجتمعات. ومع ذلك فإن تفاؤله قد لا يكون في محله، فعادة ما تكون اختياراتنا هي الأسوأ، والإحصائيات العالمية تقول إن مجتمعاتنا هي أكثر المجتمعات غرقا في المواقع المشينة؛ بل إن إنفاق مجتمعاتنا العربية المسلمة على المواد غير المفيدة فاق حد المعقول. وحسب ترتيب المواقع العربية في "أليكسا" فقد احتلت المواقع الجنسية الأولوية بالنسبة للمتصفح العربي. في حين قبعت المواقع التعليمية في ذيل القائمة؛ وعلى هذا فإن المسألة لا تتعلق بالقدرة على الاختيار، بل بالقدرة على اجتياز امتحان الأخلاق أمام مائدة حافلة بالمشهيات.