في موقف ليس الأول، وأد أهالي القديح الفتنة الطائفية التي أراد من خلالها الإرهاب زعزعة أمن المملكة، وبث روح الفرقة بين المواطنين، إلا أن السعوديين اتفقوا على أن الوطن بأطيافه كافة يلفظ أي محاولات للفتنة، مجددين بذلك اللحمة الوطنية. حادثة القديح الإرهابية عدها أستاذ الإعلام السياسي بجامعة الملك سعود الدكتور عادل المكينزي، في حديثه إلى "الوطن"، جريمة إيرانية، مبينا أن الأسلوب الإجرامي الإيراني يفضح نفسه بتكرار السلوكيات أو حتى توقيت الجريمة، مستذكرا في السياق ذاته حادثة الدالوة. ووقف المكينزي على عدد من الدلالات التي تؤكد تورط النظام الإيراني في دعم تنظيم "داعش" الإرهابي لتنفيذ المهام، التي تريد طهران من خلالها استهداف القوة العربية المتمثلة في المملكة، مستذكرا ما قامت به الجمهورية الإيرانية عام 2006 من تفجيرات للحسينيات في العراق بهدف إشعال فتنة طائفية. ولم تكن تصريحات المرشد الأعلى خامنئي غائبة عن المكينزي، إذ استذكر ما ذكره خامنئي من تصريحات تدعو للعنف والفوضى، مؤكدا أن هاتين الدلالتين كافيتان لإثبات العلاقة الوثيقة بين تنظيم داعش الإرهابي والنظام الإيراني. دولة طائفية متآمرة من جهتها، قالت عضو مجلس الشورى الدكتورة زينب أبو طالب: للإجابة على السؤال الكبير "من المستفيد من تلك الجريمة النكراء التي استهدفت مواطنين سعوديين في مسجد الإمام علي في بلدة القديح بمحافظة القطيف يوم الجمعة الماضية"، فإن كل هذه المؤشرات، إضافة توقيت الجريمة، يدل على الجاني اللئيم ورغبته في صرف الانتباه عن حليفه الحوثي وجرائم حزب الله في سورية، والحشد الشعبي الطائفي في العراق باستخدام التكفيريين الذين يلتقون معه في حب سفك الدماء وإشاعة الفوضى بين الآمنين. وأردفت أبو طالب قائلة "الجواب يعرفه العقلاء وهي دولة إقليمية طائفية تحالفت في الخفاء مع التكفيريين، تريد إشعال الفتنة في المملكة، دولة الأمن والرخاء والاستقرار، فهم يريدون إرباك الآمنين والركع السجود وبث الفتنة الطائفية، وتهديد حدود المملكة في الشمال والجنوب أكبر دليل على ذلك، فالدولة الطائفية وصنيعتها من تنظيم داعش هي من يقف وراء الفتن الدموية في المملكة واليمن ولبنان وسورية". وأشارت عضو مجلس الشورى إلى أن الإرهاب والتطرف لا دين لهما، ويتجاهل ما ورد في كتاب المسلمين بعدم التعدي على أماكن العبادة من صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله وعلى الآمنين في أي مكان، كما يتناسى الإرهابيون أن التاريخ يشهد بسماحة الإسلام بلا تفريط في العقيدة، وأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعمرو بن العاص فتحا مصر وبها المعابد والكنائس ولم يهدماها، ولم يقتلا أتباعها، فما بالك بحرمة دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم. تبخر أحلام الامبراطورية وبالعودة للدكتور المكينزي، فقد عد النجاحات الدولية والإقليمية التي حققتها المملكة، وما قامت به في اليمن خلال عملية عاصفة الحزم، أمرا أصاب إيران بنوبة تخبطية، بعد أن وجدت طهران أحلام الإمبراطورية تبخرت وأنهتها المملكة بحزم قيادتها وقوات التحالف. ويرى المكينزي أن الشكوك تحوم حول المنتفع الأساس من العملية الإرهابية التي تبناها "داعش" في القديح، موضحا أن الطائفية والعزف على أوتارها سمة إيرانية، كما أن الدولة الفارسية لا يرضيها الاستقرار السعودي، ويبدو أن القيادات الإيرانية لا تعلم أن السعوديين منذ عهد الملك المؤسس وهم ينعمون بمميزات متساوية دون تفرقة مذهبية. وأشار إلى الواقع المعاش في المدن التي يسكنها السعوديون من أبناء الطائفة الشيعية، كون كل حاجاتهم المذهبية متوافرة، مستدركا بالقول "وعندما نرى أن السنة في إيران لا يملكون مسجدا للصلاة، فهذا أمر همجي". وعاد المكينزي للوراء مستذكرا ما كشفته المقاومة السورية عند ضبطها عددا من عناصر "داعش" الذين تبين أنهم ضباط سوريون أطلقوا لحاهم والتحقوا بالتنظيم لتنفيذ الجرائم داخل بلاد الشام، مشيرا إلى أن هذا التنظيم المخترق يجب أن تتم مواجهته دوليا بالشكل السليم، مبديا استغرابه من الموقف الدولي لمحاربة "داعش". وقال "التحالف الدولي لمحاربة داعش تشوبه الضبابية ويكتنفه الغموض، ويجب أن تعمل الدول المشاركة في هذا التحالف وأن تقوم بالدور المنوط بها على أكمل وجه، كيف لتنظيم تلاحقه دول كبرى أن يجوب بلدين متنقلا بين سورية والعراق دون خوف من هذا التحالف، أو حتى دون نجاحات يحققها التحالف الذي نشأ للقضاء على هذا التنظيم". وبالعودة إلى عضو مجلس الشورى أكدت الدكتورة زينب أن "داعش" لم يتحرك من فراغ، بل تنفيذا لأجندة إيرانية تسعى لبث الفوضى والفتنة الطائفية بين صفوف المواطنين في المملكة، مضيفة "أنهم يريدون نقل المعارك الدموية التي ترعاها إيران إلى المملكة، من أجل التخفيف عن حلفائهم في اليمن وسورية، كل ذلك بحجة نقل المعركة إلى أرض بلاد المسلمين الآمنة. وأوضحت الدكتورة أبو طالب أن هذه الجرائم ما هي إلا امتداد لفكرة الملالي في تصدير الفكر الثوري على (المذهب الإيراني) من أجل تحقيق مصالحهم في باب المندب ومنطقة الخليج، وإحكام سيطرتهم الكاملة على الجزيرة العربية كمنطقة استراتيجية، وهذه الفتنة نشأت عندما أفشلت "عاصفة الحزم" طموحات فارس في اليمن فقررت دقّ إسفين بين السعوديين من خلال جريمة القديح فاستهداف مساجدها. وترى أبو طالب أن هذا يؤكد ما كتبته مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، بأن تنظيم "داعش" يسعى إلى نقل الحرب إلى السعودية، وإثارة الفتنة باستهداف مساجد الأقلية الشيعية في شرق البلاد، لأنها الطريقة الوحيدة لإثارة الفوضى في السعودية، مؤكدة أن هذا التخمين الإيراني لم يأت اعتباطا، فطهران جن جنونها منذ أن نجحت المملكة في إيقاف المد الصفوي في اليمن، بعد عاصفة الحزم التي قادتها المملكة لردع انقلاب الميليشيات الحوثية على الشرعية. وترى الدكتورة أبو طالب أن تضامن السعوديين بمختلف أطيافهم لتجاوز الأزمة جعل المهمة الخبيثة مستحيلة على أرض الحرمين، كون ردة فعل ووسطية عقلاء القطيف، وتحذيرهم من فتنة تريد أن تضرب أطنابها في المجتمع السعودي، يؤكد التماسك الوطني وحرص أبناء الدولة الواحدة على أمنها واستقرارها مهما تلون الأعداء بثوب الطائفية. وأخيرا، استشهدت الدكتورة زينب بخطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لافتة إلى أنه عبر عما يجيش في نفوس وقلوب المواطنين السعوديين من ألم وحزن لما تعرض له إخوانهم في "القديح" من جريمة نكراء، مؤكدة أن هذا يدل على قرب الملك من جميع المواطنين، كما عكس خطاب الملك سلمان أن أبناء الوطن مثل الجسد الواحد، وأن "كل مشارك أو مخطط أو داعم أو متعاون أو متعاطف مع هذه الجريمة البشعة سيكون عرضة للمحاسبة والمحاكمة، وسينال عقابه الذي يستحقه، ولن تتوقف جهودنا يوما عن محاربة الفكر الضال ومواجهة الإرهابيين والقضاء على بؤرهم".