المتأمل في الحراك السعودي العربي الجديد بقيادة خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، يلحظ حراكا مختلفا لم نتعود عليه من قبل، وهو حراك لا يمكن التعبير عنه بقطرة حبر من حروف صغيرة في كلمات يسيرة، ولكن يمكن الإشارة إلى بعض ملامحه التي تتلخص في حراك داخلي وخارجي، الأول وطني يتمثل في التشكيل الجديد للدولة السعودية بضخ دماء شابة من الجيل الثاني لتولد كحلم جديد دولة سعودية رابعة من عمق الرمال الطاهرة، والذي كان مجرد الحديث عنه يمثل ضربا من المحال في طيف خيال كما يظهر في تعيين وجوه جديدة أخرى في مختلف الوزارات من خلال قرارات ملكية بروح شبابية. هذه الإصلاحات الداخلية صورة لحزم داخلي بعث الأمل والطمأنينة في نفوس السعوديين بشتى الأطياف وذلك لعقود عدة. فبين الفجر والضحى كانت المقاعد والوجوه والصور مختلفة في مشهد مختلف. والجانب الثاني، حراك خارجي لم تعرفه دهاليز السياسة الخليجية بل العربية والعالمية في تاريخها القديم والحديث. ويمثل هذا الحراك كتابة تاريخ جديد بحروف الواقع لا بمجرد حروف لثغاء تعود عليها العربي في سابق عهده، إنها فلسفة جديدة سعودية بامتياز تتسم بالحزم والأمل، فلسفة تؤرخ لفكر عربي جديد بلغة جديدة لفتت أنظار ساسة العالم، إذ جمعت بين الحزم والأمل فمع الأمل الذي رافق العاصفة تأتي إعادة الأمل لليمن وسورية بمؤتمرين للحوار اليمني والمعارضة السورية المعتدلة، هذه الفلسفة السلمانية الجديدة المباركة دفعت غالب المعارضة اليمنية للانشقاق والانصياع للحوار وضيقت الخناق على مصالح صالح والحوثيين، وقطعت سبل الأطماع الفارسية وأحلامها في المنطقة. كما حركت الأزمة السورية لغربلتها من المعارضة المتطرفة وتوحيد صفوفها. وهي سبب انتصاراتها المتلاحقة والمتسارعة بعصف وحزم وأمل. إن المتابع للحراك السعودي، حتى العدو الحاسد والمختلف، لا يمكنه إنكار التغييرات الداخلية والخارجية التي آتت ثمارها، وما زالت، على الأصعدة كلها الوطنية والعربية والعالمية التي لا ينقصها سوى قلم يؤرخ هذه اللحظة الجميلة والحازمة من لحظات التاريخ السعودي العربي المعاصر.