يمكن القول إن أهم ملامح الضبط الأمني الاستخباراتي، الذي كشفته الأجهزة الأمنية أمس، يتمثل في أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف إعلامياً ب "داعش"، سقط في معركة كسر العظم الإلكترونية. فاليقظة الأمنية المعلوماتية، وسيطرتها على البؤر الاستشرافية الإلكترونية، التي يحاول منها عسكر التنظيم اختراقها في المملكة، أصابت التنظيم بنكسة، حيث إن التأهب الأمني، وبخاصة بعد سلسلة من النجاحات التي قادتها الأجهزة الأمنية في تعقب عملية التنظيم لتجنيد عناصر مسلحة داخل الخارطة السعودية، وإجهاضها استباقيا، وهو ما أصاب "داعش" بارتباك كبير، وفقا لعدد من المراقبين المتخصصين في حديثهم إلى "الوطن". محلل أول معلومات الهجمات الإلكترونية بإحدى الشركات الخاصة نبيل الصمدي، ذهب في سياق حديثه إلى التركيز على أن قدرة الأجهزة الأمنية على إجهاض مشاريع التجنيد الإلكترونية، يمثل خطوة مهمة في العالم الافتراضي، وهي رسالة واضحة بأن هذه العملية أضحت استراتيجية حيوية في كسر "داعش" افتراضياَ. وأشار الصمدي الذي سبق أن شارك في أبحاث التحليل الأمني المعلوماتي، إلى زاوية عدّها استراتيجية، وهي أن المملكة بكل ما تحمله من خبرة في التعامل مع التنظيمات المسلحة التي تصنفها ضمن دائرة الجماعات الإرهابية، أرادت من خلال كشف وزارة الداخلية لتفاصيل عملية ضبط الخلية أمس، إيصال رسالة مباشرة مفادها أن هذه النافذة - أي التجييش الإلكتروني- أغلقت تماماً، ودائرة التأهب في رصد حركة الواقع الافتراضي، وبخاصة بعد عاصفة الحزم، بلغت مراحل متقدمة بهذا الشأن. وبعيداً عن سياق البيان الذي أعلنته الداخلية، على لسان متحدثها الرسمي اللواء منصور التركي، لفت خبير التقنية المعلوماتية سامي العوضي، إلى الحاجة الملحة لتبني استراتيجية إلكترونية توعوية، وبخاصة في "تويتر"، لأنه يمثل الاستخدام الأوسع بين السعوديين في شبكات التواصل الاجتماعي. حيثيات أخرى يمكن إدراجها في خانة النجاحات السعودية الأمنية، وبخاصة في ملف التعامل الأمني مع "داعش"، ترتبط بالحسم المبكر في التعامل مع التنظيم، وبخاصة مع الضربات الموجعة التي يتلقاها في مناطق نفوذه بالعراق وسورية، التي بدأت تنحسر بشكل متسارع، بفعل ضربات التحالف الدولي الجوية.