لم تكد تمضي ساعات قلائل على انطلاق عملية "عاصفة الحزم" ضد مواقع الحوثيين وأتباع الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، حتى بدأت بشائر النصر تلوح في الأفق، وظهر جليا أن فلول الحوثيين التي استقوت على الشعب اليمني الصابر، ليست سوى مجسمات كرتونية، لن تستطيع الوقوف في وجه ضربات الشرعية المتتالية، ولا يمكنها الصمود أمام كتائب النصر المتسلحة بسلاح الحق. وأفادت الأنباء الواردة من عدن أن ثوار الجنوب الشرفاء سارعوا إلى مهاجمة المتمردين في مطار عدن، مستفيدين من حالة الذعر التي انتابتهم عقب الضربات الصاعقة التي وجهتها طائرات التحالف العربي، ما دفعهم إلى الفرار مرعوبين يسترقون النظر إلى السماء، خوفا من غارة جديدة تودي بما تبقى لهم من عقل. وفي مطار العند، لم يكن المتمردون أفضل حالا، إذ فروا مذعورين إلى جحورهم، تتسارع دقات قلوبهم المريضة، وتتشابك أرجلهم الهزيلة من شدة الخوف. الناظر إلى هذا الوضع يوقن أن قوى التمرد والغدر ما كان لها أن تستقوي على الشعب اليمني العظيم، لولا أن فئة منه ارتضت العمالة، وانساقت خلف شعارات مذهبية ومناطقية بغيضة، أكل عليها الدهر وشرب وتجاوزتها مفردات العصر وحسابات العقل. ليس هذا فحسب، بل إنها ارتضت - في سبيل تحقيق ذلك – بالعمالة وخيانة الأوطان، فرهنت نفسها لقوى خارجية، تملكتها شهوة التدمير، وغلبتها الرغبة في إعادة أمجاد إمبراطوريات غابرة لن يكتب لها العودة مرة أخرى. استقوت تلك الجماعة بالسلاح ورفضت دعوات المخلصين من أبناء الأمة حينما دعوها إلى الجلوس إلى طاولة الحوار، وتمسكت بلغة التعنت والعناد لمخاطبة الآخرين، وظنت في غفلة من الزمان أن حصونها مانعتها من الآخرين، فباتت تلعق الحسرة وتعاني الضياع، كالمنبت، لا أرضا قطعت ولا ظهرا أبقت. لم يكن بمقدور الحوثيين أن يفعلوا ما فعلوه في اليمن، لولا تآمر علني ممن حكم بلاده رغم أنف شعبها مدة تجاوزت 33 سنة، نهب فيها ثروات بلاده ودمر مقدراتها وأوردها موارد الهلاك، لكنه لم يكتف بكل ذلك، بل تملكته شهوة السلطان فسعى إلى العودة إلى كرسي الحكم، ولو على جماجم الشعب. فالسنوات الطوال لم تكسبه من الخبرة ما يدرك به أن عهده ولّى إلى غير رجعة، وأن الزمن الذي كان يسوم فيه اليمنيين صنوف العذاب غربت شمسه، دون أدنى أمل في شروق جديد. وتكتسب الخطوة العربية التي قادتها المملكة أهميتها من أنها تحالف عربي واسع نال موافقة المجتمع الدولي، لا لهدف سوى استعادة الشرعية وتهيئة الأجواء لاستكمال المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، التي ارتضاها الشعب اليمني في استفتاء شفاف وصادق، وإنزال مخرجات الحوار الوطني -الذي شارك المتمردون أنفسهم في صياغة مخرجاته – إلى أرض الواقع، ومساعدة الشعب اليمني على تقرير مصيره دون تدخل إيراني، وتقديم دعم عربي قوي لليمن، إيمانا بحتمية المصير المشترك والمستقبل الواحد.