أعادت الأكاديمية فوزية باشطح ملف المرأة السعودية إلى واجهة الجدل بعد أن طرحت مجموعة من العوائق التي تعيق مشاركتها، في التنمية والحراك الثقافي المحلي، مرجعة ذلك إلى تصورات اجتماعية وفقهية. وباشطح الأستاذ المساعد في قسم علم الاجتماع بجامعة الملك عبدالعزيز تحدثت منتصف الأسبوع الجاري في الصالون الثقافي النسائي بنادي جدة الأدبي بورقة عنونتها ب"عملية توزيع الأدوار بين الجنسين"، مهدت فيه فلسفيا بطبيعة التنشئة التي تقوم على عملية توريث المفاهيم من خلال تبادل الأدوار وانتقالها من جيل إلى آخر. ربما لم تتحدث الدكتورة باشطح عن كتابها "المرأة السعودية بين الفقهي والاجتماعي"، إلا أنها استندت إلى عدد من الأفكار التي جاءت في مضمون صفحاته، ويظهر ذلك من خلال المداخلات التي استطاعت أن تثيرها بين جموع الحاضرات التي توزعن ما بين السلك الأكاديمي، والمثقفات اللواتي طرحن تفاصيل كثيرة أهمها، مطالبة بعضهن إلى أهمية تصحيح الموروث الثقافي تجاه المرأة، وتشكيل خطاب معرفي حضاري مواز ل"الخطاب الديني المتعالي" بحسب وصفهن، وهو ما كرس وفقا لذلك مفهوم الذكورة على حساب مشاركة المرأة. المداخلات شكلت أرضية للدكتورة باشطح التي أشارت إلى أن المجتمع بحاجة إلى محاولة جديدة، بقراءة نصوص الفتاوى قراءة واعية بعيدة عن التحيز، مع محاولة نقاش مضمونها حول قضايا المرأة في إطار التغيرات و التحولات التي يمر بها المجتمع. ذهبت باشطح إلى التأكيد على أهمية قراءة النصوص من بعدها الاجتماعي في الوصل بين الديني والاجتماعي، وقالت "والمرأة من الناس وهي مخاطبة بمفردة (الناس) التي تكررت في الخطاب القرآني 190 مرة كالرجل تماما، وهذا يعني أنها مكلفة ليس بتلقي الخطاب وحسب وإنما بفهمه وفقهه، حتى يتسنى لها استيعاب مسألة الفصل بين الدين والسلوكيات المنبثقة من (لا وعي المجتمع)، والمتمثلة في رسائل رمزية سلبية، تظهر من خلال سلوكيات أفراد المجتمع وتعاملاتهم تجاه قضاياها". مصطلح الذكورة ركزت عليه باشطح كثيرا، حينما ذهبت إلى أن التعامل الذي أسسه المجتمع الذكوري ضد المرأة ولم يؤسسه الدين. إذ يختزن كل من الذكر والأنثى مخيالا معينا حول جنسه، تشبعا به عبر الضخ الاجتماعي الكثيف الذي يصحبهما منذ الولادة، ويؤكد لهما على أن المرأة أداة لخدمة المشاريع العائلية والجسدية للذكر. وتساءلت باشطح قائلة "هل عملية توزيع الأدوار داخل الأسرة والمجتمع عملية فطرية "بيولوجية" أم اجتماعية؟" فأجابت مباشرة بأنها عملية مجتمعية تتحيز فيها إلى الجهة الأقوى، إذ التدبير والترتيب نظام يمثل عملية ترتيب يظهر سلطة المعرفة، الفقه، الثقافة. وذهبت أيضا في محاضرتها بالصالون النسائي إلى أن كل مجتمع لديه مجموعة قواعد وقوانين فصلتها بمفاهيم السلطات "الاستعلاء، والتهميش، والدونية التي يرفضها العقل، التي أفرزت فكرة سلطات الرجل في الثقافة الاجتماعية، وهي تقول "إنه كلما زادت هذه السلطات زادت الفروقات والآثار التي تعكس عملية توزيع الأدوار بين الرجل والمرأة، فمفهوم الرجولة كرس له المجتمع، ووضع له مجموعة صفات أصبحت مقبولة اجتماعيا، بل إن المجتمع تقبل بعض السلوكيات المرتبطة بصفاته، كالعنف الذي هو حصيلة مفاهيم تكريس صفات القوة للرجولة، والضعف والخنوع والميوعة تكريس مفهوم الأنوثة". الرسالة التي أرادت باشطح إيصالها إلى بنات جنسها تحمل المجتمع المحلي تكريس الفروقات بين الذكور والإناث حتى ازدادت قيمة الرجل على المرأة.