عاشت "فيفاء" أجواء محزنة، تغلبت بقوة على فرحة العيد التي مرت سريعاً، تحت وطأة توديع المدينة لأربعة عشر شخصاً من أبنائها، ممن قضوا نحبهم في حوادث مرورية مؤلمة وقعت تباعاً منذ اليوم الثالث من أيام العيد، وكان آخرها يوم أمس. المؤلم في الوفيات أنها تعود لأشخاص من أسر متقاربة، وهو ما حول الأحياء والقرى في فيفاء إلى سرادقات عزاء متواصلة، كلما انتهى أحدها بدأ الآخر. وقد زاد من شدة الحزن أن بعض المتوفين وقبل أن يتم تكفينهم بالغطاء الأبيض، كانوا قد حضروا سرادق عزاء بعض أقاربهم وأبناء بلدتهم، دون أن يعلموا أنهم سيلحقون بهم بهذه السرعة. الوفيات لم تقتصر على فئة عمرية أو جنسية محددة، فالمتوفون جميعهم، كانوا من الأطفال والنساء والرجال، صغاراً وكباراً، كما كان هناك إلى جانب من توفي أكثر من اثني عشر شخصاً مصاباً من بينهم نساء وأطفال بعضهم في حالات حرجة. وكانت بداية سلسلة هذه الحوادث القاتلة، عندما تعرضت أسرة كاملة لحادث سير مؤلم، توفي على إثره الأب ونجله، فيما أصيبت الزوجة وطفلان صغيران بإصابات خطرة، لتستمر سلسلة الأخبار المؤلمة في عدة حوادث أخرى حوت في طياتها قصصا مأساوية ومنها قصة الشاب محمد علي الظلمي الشاب الذي شارك في دفن جارهم وقريبهم المتوفى ليغادر بعد الصلاة عليه متوجها إلى عمله ليلقى حتفه في محافظة بيش ليتم دفنه بعد ساعات من مشاركته في دفن قريبه. أو قصة المواطن الذي انهارت الصخور على جسده أمام ذويه ليفارق الحياة، أو قصة مفرح سليمان الداثري الكبير في السن الذي استقبل خبر وفاة ابنه وحفيده في حادث مؤلم بوادي الدواسر لتنتهي مراسم العزاء، فتأتيه فاجعة موت أخيه في مشهد مأساوي. وقد ازدحمت المدينة بوفود المعزين من المواطنين والقبائل المجاورة التي كانت تنتقل من بيت إلى آخر في حالة من الحزن والألم الذي لم تشهده المدينة وسكانها من قبل. وقد عبر عدد من السكان عن حزنهم وألمهم لفقدان 14 شخصاً وإصابة 12 آخرين في غضون أيام قليلة متتالية. حيث ذكر المواطن موسى مفرح الداثري، إن المدينة مرت بفترة عصيبة وأيام يستحيل أن تنسى، من جراء فقدان أناس أعزاء علينا كنا بالأمس نشاركهم فرحة العيد واليوم نستقبل المعزين في وفاتهم. أما المواطن يزيد بن هادي المغامري، فقال إن أكثر ما يحزن النفس أن جميع المتوفين من أسر متقاربة، معتبرا أن اللسان يعجز عن التعبير، ولا نقول إلا: لا حول ولا قوة إلا بالله.