لم يكن يدر بخلد الزميل الإعلامي محمد الثبيتي أن قدمه التي طالما زاول من خلالها الركض الصحفي ستكون يوما ما سببا في رحيله عن الدنيا نتيجة شبهة خطأ طبي. فبعد غيبوبة دامت أكثر من أسبوعين نتيجة لمضاعفات جراحة بسيطة في أحد مستشفيات الدمام، أسلم الثبيتي روحه إلى بارئها، وسط اتهام مباشر من عائلته للطبيب الجراح الذي أجرى الجراحة بارتكاب خطأ طبي في طريقة تركيب أنبوب الأكسجين، وطالب سلمان شقيق الراحل بإحالة القضية إلى الشرع. وفيما أحيل ملف القضية إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، علق المستشار القانوني حمود الخالدي على ذلك بالقول "إحالة ملف ما إلى الادعاء العام يعني وجود شبهة خطأ طبي". توفي الزميل بصحيفة اليوم محمد الثبيتي أمس في مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام عقب تعرضه لخطأ طبي في برج الدمام الطبي، تسبب في دخوله في غيبوبة دامت أكثر من أسبوعين. وقال سلمان الثبيتي "شقيق الراحل" ل"الوطن": "أخي راجع قسم الطوارئ في البرج الطبي بالدمام قبل أسبوعين، لوجود خراج في فخذه، وبعد الفحص نصحه الطبيب بالبقاء في المستشفى لإجراء جراحة بسيطة لاستئصال الخراج، وبعد خروجه من غرفة العمليات، وضع في غرفة الإفاقة، وكانت جميع المؤشرات تشير إلى أن الجراحة كانت ناجحة، ولكنه تعرض لصعوبة في التنفس، فحاول الفريق الطبي تزويده بأنبوب أوكسجين عبر الفم، ولكن لم يتمكن من إدخاله بالطريقة الصحيحة، ما أدى إلى توقف قلبه لدقائق، فتم استدعاء استشاري لوضع الأنبوب بطريقة صحيحة، وفي هذه الأثناء حاول الأطباء إنعاش القلب، بعد توقفه لعشر دقائق، ونجحوا في ذلك، ولكن بعد أن دخل أخي في غيبوبة نتيجة تأخر وصول الدم إلى الدماغ". وأضاف الشقيق "لم نكن نتوقع أن تتسبب عملية بسيطة في القدم في وفاة شقيقي"، متهما الطبيب الذي أجرى العملية بارتكاب خطأ طبي في تركيب أنبوب الأوكسجين، مطالبا بإحالة القضية إلى الشرع، والقصاص من المتسبب بالخطأ. وأردف الشقيق: "إهمال برج الدمام الطبي لم يتوقف عند الخطأ الذي تسبب فيه الطبيب المباشر للحالة، بل امتد إلى تعطيل نقله إلى مستشفى الملك فهد التخصصي لأكثر من ست ساعات، بعد صدور أمر بذلك، إذ تفاجأنا بعدم وجود سائقين لسيارات الإسعاف، وجرى البحث عنهم من قبل المدير المناوب ومشرف الأمن، وبعد ذلك تم الاتصال بمدير المستشفى وإبلاغه، ليتم بعدها توفير سائق لنقل الحالة إلى مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام، كما طلب تخصصي الدمام صورة للأشعات التي أجريت لأخي في برج الدمام الطبي، ففوجئنا بعدم توافر قرص مدمج للنسخ بقسم الأشعة بالبرج، فقمنا بشرائه"، مستغربا عدم توافر ذلك في مستشفى بهذا الحجم. وأشار سلمان إلى أنه ستتم الصلاة على الراحل اليوم في مسجد الفرقان بالدمام، وسيوارى الثرى في مقبرة المدينة. وكان أمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، تابع الحالة الصحية للإعلامي محمد الثبيتي، ووجه بتشكيل لجنة لكشف الأسباب التي أدت لتدهور حالته الصحية، وطلب موافاته بتقرير عاجل، وتوفير الخدمات الطبية كافة له. وأصدر المدير العام للشؤون الصحية في المنطقة الشرقية الدكتور خالد محمد الشيباني قرارا بحظر سفر الطبيب الذي كان مشرفا على الحالة، وأوضحت المديرية العامة للشؤون الصحية في المنطقة الشرقية حينئذ أن لجنة استشارية محايدة حققت في الواقعة، وأحيلت ملف القضية إلى المدعي العام لاتخاذ اللازم نظاميا، لافتة إلى أنها ستطلع وسائل الإعلام على كل المستجدات. من جانبه، قال المستشار القانوني حمود الخالدي: "بقدر أهمية مهنة الطب قدر ما يتخللها من مخاطر تتمثل في خطأ الطبيب، أو من معه من العاملين أثناء ممارسته المهنة، وذلك الخطأ الذي ربما تترتب عليه آثار خطيرة تؤدي إلى إزهاق روح المريض، أو إصابته بمضاعفات، ما يعني حاجة المهنة إلى ضوابط شرعية وقانونية". وأضاف أن "بعض الأنظمة القانونية استقرت بتطبيق القواعد العامة في القانون الجنائي على المسؤولية الجنائية لأخطاء الأطباء دون إفرادها بتنظيم خاص يتناسب مع طبيعتها، إذ أن غالبية الأنظمة القانونية تتجه الآن إلى إفراد هذا النوع من المسؤولية بنصوص خاصة، وهو ما أخذ به النظام السعودي حينما وضع نظاما خاصا بممارسة مهنة الطب البشري تضمن واجبات الأطباء وعناصر المسؤولية، والجهة المتخصصة بالمساءلة الجنائية في هذه الحالة، وهو نظام مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان الصادر برقم م/ 3 وتاريخ 1409/2/21". وأكد الخالدي أن "إحالة ملف ما إلى هيئة التحقيق والادعاء العام يعني وجود شبهة خطأ طبي، إذ يتم التحقيق فيه وإثبات صحته أو عدمه، وفي حال ثبوته تطالب الهيئة بالحق العام، ويطالب المريض أو ورثته في حال وفاته بالحق الخاص، وتكون العقوبات تعزيرية إضافة إلى التعويض المادي لصاحب الحق الخاص". وأوضح أن "قضايا الأخطاء الطبية تنظرها اللجان الطبية الشرعية التابعة لوزارة الصحة، وتعد قراراتها مستقلة بصفتها الجهة المتخصصة بنظر النزاع، وتعتمد قراراتها من وزير الصحة بصفته الجهة الناظرة للنزاع، ويجوز التظلم من قراراتها أمام ديوان المظالم خلال 60 يوما من تاريخ الإبلاغ بالحكم حسب المادة 38 من النظام، وذلك بتقديم لائحة اعتراض من الشخص المعترض يذكر فيها أسباب اعتراضه وأسانيده". ويرى الخالدي أنه "بات من الضروري إنشاء لجان رئيسة متخصصة ذات كفاءات ومهارات عالية للحد من تفشي ظاهرة الأخطاء الطبية التي تزايدت، وتفاقمت آثارها ومضاعفاتها التي تفضي عادة إلى وفاة أو عجز أو مضاعفات خطرة".