فند مسؤول رفيع في صندوق النقد الدولي اعتبار "مخرجات التعليم" سببا رئيسا في البطالة، مؤكدا أن الوظائف التي يوفرها القطاع الخاص "غير ماهرة"، ما يجعل إحلال العمالة الوطنية مكان الوافدة ضعيفا. وفي حوار مع "الوطن" قال مستشار إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي الدكتور رجا المرزوقي: "مع ازدياد الإنفاق على التعليم والتدريب فإن القطاع الخاص لن يستطيع في وضعه الحالي توفير فرص العمل الكافية لاستيعاب العمالة الماهرة الوطنية، لأن غالبية الوظائف في القطاع الخاص هي للعمالة غير الماهرة التي يتم استقدامها، وبالتالي فإن ذلك سينعكس على معدلات البطالة". يأتي ذلك، في الوقت الذي أكد فيه وزير العمل المهندس عادل فقيه، خلال ورقة عمل قدمها بعنوان "تنمية الثروة البشرية عبر سياسات سوق العمل"، في فعاليات منتدى جازان الاقتصادي، أن أبرز التحديات التي تواجه معالجة ملف البطالة تتمثل في عدم مواءمة مخرجات التعليم مع حاجات سوق العمل، ومنافسة العمالة الوافدة التي تمثل أعدادها ستة أضعاف المواطنين.
أطلق صندوق النقد الدولي محاذير اقتصادية وتحديات ما زالت قائمة تواجه دول منطقة الشرق الأوسط، مشيرا إلى أهم التحديات التي تواجه دول المنطقة منها البطالة وعدم قدرة القطاع الخاص في وضعه الحالي على استيعاب نمو العمالة الوطنية، في ظل ازدياد نسبة البطالة بين فئة الشباب في منطقة الشرق الأوسط التي تعدّ الأعلى على مستوى العالم، إضافة إلى أن دول الشرق الأوسط لم تتمكن من تحقيق التنويع الاقتصادي الذي يخفف عليها حدة التقلبات الاقتصادية. ولا يزال النفط في الدول المصدرة في الشرق الأوسط هو المصدر الأساس للدخل، ويشكل نسبة مهمة من الصادرات يتأثر بها النمو الاقتصادي ومتغيرات الاقتصاد الكلي في هذه المجموعة، وأن دول المنطقة ستتأثر من جراء انخفاض أسعار النفط، ولتفادي الانخفاض الكبير في نمو اقتصاديات الدول النفطية عمدت إلى الاستفادة من المدخرات المتراكمة في فترة ارتفاع أسعار النفط للمحافظة على الإنفاق الحكومي في المستوى السابق نفسه، كان ذلك نصا من الحوار الخاص الذي أجرته "الوطن" مع مستشار إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي الدكتور رجا المرزوقي وفيما يلي نصه: هل ترون أن دول الشرق الأوسط تمكنت من تحقيق التنويع الاقتصادي والحد من التقلبات الاقتصادية؟ للأسف لم تتمكن دول الشرق الأوسط من تحقيق التنويع الاقتصادي الذي يخفف عليها حدة التقلبات الاقتصادية، فما زال النفط في الدول المصدرة للنفط في الشرق الأوسط هو المصدر الأساس للدخل، ويشكل نسبة مهمة من الصادرات يتأثر بها النمو الاقتصادي ومتغيرات الاقتصاد الكلي في هذه المجموعة. فالنمو الاقتصادي ما زال مرتبطا بالإنفاق الحكومي الذي مصدره العائدات النفطية، ما يجعله عرضة للتقلبات الاقتصادية تبعا للتغيرات في أسعار النفط، كما أن اقتصاديات الدول المستوردة للنفط تتأثر بالتقلبات الاقتصادية في الدول المصدرة للنفط. ولتحقيق التنويع الاقتصادي فإن دول الشرق الأوسط تحتاج إلى تحسين البيئة الاستثمارية لجذب الاستثمارات الخاصة الذي سوف يساعد على تحقيق التنويع المطلوب في هذه الدول المصدرة والمستوردة. ما هي التحديات التي تواجه دول الخليج اقتصاديا، وماذا عن كيفية تجاوز هذه التحديات؟ من أهم التحديات الاقتصادية التي تواجهها دول الخليج هو استمرار اعتماد اقتصادياتها على الإنفاق الحكومي وارتباط نمو القطاع الخاص بذلك الإنفاق، ولذا نجد أن قطاع الخدمات والبناء والتشييد هو أكبر القطاعات نموا لتأثره بالإنفاق الحكومي، وينعكس ذلك على التوظيف في هذه الدول ونوعية الوظائف التي يوفرها القطاع الخاص في هذه الدول التي في غالبيتها وظائف غير ماهرة، ما يجعل إحلال العمالة الوافدة بعمالة وطنية واستيعاب الأيدي العاملة الوطنية ضعيفا، لأن الغالبية في العمالة الوطنية إنها ماهرة، كما أن تنويع الصادرات ورفع نسبة الصادرات السلعية المصدرة يشكل كذلك تحديات يجب العمل على معالجتها من خلال تحسين البيئة الاستثمارية لجذب الاستثمارات الخاصة التي من الممكن أن تسهم في زيادة الصادرات السلعية المصنعة لتجنيب الاقتصاد تأثير التقلبات في أسعار النفط. سابقا هناك محاذير أطلقها صندوق النقد الدولي لبعض دول مجلس التعاون من ضمنها شح وظائف سياسة الاستقدام، السياسات غير المتزنة في بعض ممارسات القطاع الخاص، برأيكم هل ما زالت تلك المخاطر تواجه دول المجلس؟ نعم، ما زالت هذه المخاطر قائمة بسبب الارتباط الوثيق بين النمو الاقتصادي والإنفاق الحكومي وضعف البيئة الاستثمارية، وبالتالي نجد أن غالبية الاستثمارات الخاصة هي مرتبطة بالإنفاق الحكومي بشكل مباشر أو غير مباشر. كما أنه في بعض هذه الدول زاحم الإنفاق الحكومي الإنفاق الخاص، ما أدى إلى اختلال توازن الأسعار والأجور الذي انعكس سلبا على قدرة القطاع الخاص في الاستثمار ورفع درجة المخاطر التي تواجه القطاع الخاص. بالإضافة إلى عدم وضوح السياسة المالية لبعض دول الخليج في المدى المتوسط واعتمادها على موازنات سنوية، ما يرفع درجة عدم اليقين للقطاع الخاص التي ترفع المخاطر على استثماراته في الأجل المتوسط. فالقطاع الخاص يحتاج إلى معرفة اتجاهات السياسة المالية في الأجل المتوسط للتخطيط لاستثماراته بدرجة عالية من اليقين. وهل تجدون أن القطاع الخاص لديه المقدرة على توفير فرص العمل للمواطنين في دول الشرق الأوسط؟ مع ازدياد الإنفاق على التعليم والتدريب خاصة في الدول النفطية، فإن القطاع الخاص لن يستطيع في وضعه الحالي توفير فرص العمل الكافية لاستيعاب العمالة الماهرة الوطنية، لأن غالبية الوظائف في القطاع الخاص هي للعمالة غير الماهرة التي يتم استقدامها. وبالتالي فإن ذلك سينعكس على معدلات البطالة كما يشكل في بعض الحالات التي يتم إحلال العمالة الماهرة مكان العمالة الوافدة غير الماهرة هدرا لرأس المال البشري. ولذا فإن تحسين البيئة الاستثمارية ورفع كفاءة السياسات الحكومية التي تسهم في توجيه الاستثمارات الخاصة إلى استثمارات تسهم في خلق وظائف ماهرة لاستيعاب نمو العمالة الوطنية الماهرة. هل يشكل اعتماد دول مجلس التعاون الخليجي على إيرادات النفط مصدر مخاطرة بالنسبة لها؟ النفط نعمة من الله لهذه الدول ويساعدها لتحقيق مستوى عال من التنمية واختصار الفترة الزمنية لتحقيق التنمية الضرورية لنمو القطاع الخاص وتحقيق التنمية المستدامة. ولكن ضعف كفاءة الاستثمار الحكومي في بعض هذه الدول وضعف البيئة الاستثمارية أديّا إلى استمرار اعتماد اقتصاديات المنطقة على النفط، ما جعل اقتصادياتها عرضة للتقلبات في أسعار النفط. ما هي التحديات التي تواجه اقتصاديات الشرق الأوسط؟ من أهم التحديات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط هو البطالة وعدم قدرة القطاع الخاص في وضعه الحالي على استيعاب نمو العمالة الوطنية. خاصة إذا عرفنا أن نسبة البطالة بين فئة الشباب في منطقة الشرق الأوسط هي الأعلى على مستوى العالم. في دول الشرق الأوسط هل تجدون أن القطاع الحكومي يثقل كاهل الاقتصاد الوطني بسبب عدم كفاءته؟ تعدّ ضعف كفاءة القطاع الحكومي عبئا على الاقتصاد الوطني في دول المنطقة ينعكس سلبا على الرفاه الاقتصادي للمواطنين، فعدم كفاءة القطاع الحكومي هي كلفة إضافية يدفعها القطاع الخاص، وتتم إضافتها إلى كلفة تقديم الخدمة أو قيمة السلعة المنتجة، ما يضعف قدرته على المنافسة عالميا أو تقديم الخدمة بسعر منخفض محليا. كيف تجدون أثر انخفاض أسعار النفط الحالية على اقتصاديات الشرق الأوسط، وما هي الاستراتيجيات المناسبة لدول الشرق الأوسط لتفادي تأثير انخفاض أسعار النفط؟ ستتأثر دول المنطقة من جراء انخفاض أسعار النفط، ولتفادي الانخفاض الكبير في نمو اقتصاديات الدول النفطية فعمدت للاستفادة من المدخرات المتراكمة في فترة ارتفاع أسعار النفط للمحافظة على الإنفاق الحكومي في المستوى السابق نفسه. ولكن في حالة استمرار أسعار النفط منخفضة عن المستوى الذي يحقق التوازن في موازنات هذه الدول، والذي في غالبيتها يتجاوز 60 دولارا، فإن ذلك سيؤثر حتما في الإنفاق الحكومي، ما يؤدي إلى انخفاض نمو الاقتصاد. فتوقعات نمو اقتصادات الشرق الوسط المصدرة للنفط لعام 2015 تم تخفيضه -0.6% عما كان متوقعا قبل انخفاض أسعار النفط ليصبح 3.3%. أيضا كيف تجدون تأثير تذبذبات أسعار النفط على الاستثمارات في المنطقة؟ تتأثر الاستثمارات الحكومية بالعائدات النفطية، ما يجعل السياسة المالية مرتبطة بشكل كبير بالعائدات النفطية. كما أن عدم وجود إطار للمالية العامة ومتوسط الأجل الذي يحدد الإنفاق الحكومي للسنوات الثلاث أو الأربع المقبلة فإن ذلك ينشئ لدينا مخاطرة في الاستثمارات الخاصة وأيضا يؤثر سلبا في الاستثمارات طويلة الأجل للقطاع الخاص التي تمثل عاملا مهما للتنمية المستدامة. ما هو تأثير تلك الانخفاضات التي شهدتها أسواق النفط العالمية في الإنفاق الحكومي تحديدا في الدول المصدرة للنفط؟ الإنفاق الحكومي في الدول المصدرة للنفط في الشرق الأوسط يعتمد على العائدات النفطية المتأثرة بتقلبات الأسعار. واستطاعت غالبية الدول النفطية أن تكون مدخرات مالية خلال الفترة الماضية، ما ساعدها للمحافظة جزئيا على الإنفاق في نهاية 2014 و2015، ولكن في حالة استمرار أسعار النفط في وضعها الحالي، التي في الغالب هي أقل من سعر النفط الذي يحقق التوازن في الموازنة لغالبية الدول النفطية، فإن هذه الدول سوف تضطر لتخفيض الإنفاق الحكومي لتفادي تلاشي المدخرات الوطنية. ولذا نتوقع تأثير انخفاض أسعار النفط في الإنفاق الحكومي في الأجل المتوسط.