لم يتأخر رد مصر كثيرا على الجريمة التي ارتكبها تنظيم الدولة "داعش" بإعدام 21 من رعاياها المحتجزين في ليبيا، إذ شنت طائرات سلاح الجو المصري غارات استهدفت مواقع للتنظيم المتشدد، في إجراء وصفته القاهرة بأنه "حقها في الدفاع الشرعي عن النفس". وقالت القيادة العامة للقوات المسلحة في بيان "قامت طائرات الجيش المصري بتوجيه ضربة جوية مركزة ضد معسكرات ومناطق تمركز وتدريب ومخازن أسلحة وذخائر تنظيم "داعش" الإرهابي بالأراضي الليبية وقد حققت الضربة أهدافها بدقة". وأضاف أن الضربة الجوية "جاءت تنفيذا للقرارات الصادرة عن مجلس الدفاع الوطني، وارتباطا بحق مصر في الدفاع عن أمن واستقرار شعبها، والقصاص والرد على الأعمال الإجرامية للعناصر والتنظيمات الإرهابية، داخل وخارج البلاد". وأضاف البيان أن الطائرات "عادت سالمة إلى أرض الوطن، وأن الضربة الجوية نفذتها 6 مقاتلات حديثة من طراز إف 16 بلوك 52. وأنها حققت نتائجها بنسبة 100%، وتمكنت من تدمير مخازن أسلحة وذخائر للتنظيم في مدينتي درنة وسرت، وكانت مركزة على تجمع العناصر الإرهابية، وتم تحديد الإحداثيات بدقة قبل انطلاق الطائرات المقاتلة". وأضافت القوات المسلحة أن الضربة لم يكن هدفها مطلقا الاعتداء على الأراضي الليبية، إنما تطهير الإرهاب ومواجهة التهديدات التي يتعرض لها الأمن المصري، وأن هناك تعاونا كاملا مع الجانب الليبي لمواجهة الإرهاب، وأن الطائرات تحركت من مطار غرب القاهرة، ثم وصلت إلى مطار مطروح، الذي انطلقت منه إلى مدينة سرت الليبية، حيث ضربت مواقع تنظيم "داعش" ووصلت حتى مدينة طرابلس الليبية ثم عادت بعد تنفيذ المهمة". وكشف البيان أن قرار الضربة الجوية ضد "داعش" لم يكن مفاجئا بالنسبة للقوات، ولكنه كان معدا ومجهزا له بعناية تامة، على أن يتخذ في حالة أقدم التنظيم المتشدد على ذبح الأسرى، وأن القيادة العامة للقوات المسلحة حددت توقيت الضربة مع القوات الجوية، إذ كانت الأهداف مرصودة ومعروفة ونفذت المقاتلات عمليات الإغارة عليها بشكل مباشر". بدورها، قالت الخارجية المصرية في بيان مماثل إن هذه الضربات "تمت وفق حقها الأصيل والثابت في الدفاع الشرعي عن النفس، وحماية مواطنيها في الخارج ضد أي تهديد، وفقا لنصوص ميثاق الأممالمتحدة، التي تكفل للدول فرادى وجماعات حق الدفاع الشرعي عن النفس". وبث التلفزيون الرسمي لقطات مصورة لطائرات تخرج من مراكزها ليلا، وقال إنها نفذت الهجمات في ليبيا دون الكشف عن نوعها أو مواقع انطلاقها. وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة قد أكدت وقوفها الكامل إلى جانب مصر ووضعت كافة إمكانياتها تحت تصرفها لاجتثاث الإرهاب. ووجد قرار توجيه الضربة الجوية لمواقع "داعش" تأييدا واسعا وسط السياسيين المصريين، إذ قال مؤسس التيار الشعبي، حمدين صباحي "قصف القوات المسلحة لمعاقل "داعش"، ردا على حادث ذبح 21 مصريا على أيدي التنظيم، وقصف طائراتنا لقتلة إخوتنا في ليبيا، هو قصاص عادل لدمائهم، ودفاع واجب عن أمننا القومي، والقصاص ما زال مستمرا، وسيكتمل قريبا". من جهته، يقول مؤسس تنظيم الجهاد السابق، نبيل نعيم، "مدينة درنة التي استهدفتها الضربة الجوية تمثل خطرا كبيرا على مصر، خاصة أنها معروفة دائما بأنها أبرز أماكن تجمع الجهاديين بعد سقوط نظام القذافي، إذ تحولت إلى مكان آمن لهم، في وجود تنظيم أنصار الشريعة هناك". إلى ذلك دان الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبداللطيف الزياني أمس بشدة قتل الرهائن المصريين في ليبيا على يد ميليشيات داعش، ووصفه بأنه جريمة إرهابية نكراء تدل على وحشية مرتكبيها وخروجهم على صحيح الدين الإسلامي الحنيف. ودعا الأمين العام المجتمع الدولي إلى تكثيف جهوده لمحاربة كل الحركات الإرهابية والقضاء عليها قبل أن يستفحل أمرها. بدورها، دانت لجنة حقوق الإنسان العربية الجريمة الوحشية التي ارتكبها تنظيم "داعش" الإرهابي، وعبر رئيس اللجنة هادى علي اليامي في بيان له أمس، عن مشاعر الصدمة من هذه الجريمة المروعة ضد العمال المصريين الأبرياء، وقدم العزاء والمواساة لأسر الضحايا، معربا عن قلق اللجنة العميق حيال تنامي الإرهاب الذي يقوض كل الأسس الممكنة للتمتع بحقوق الإنسان وسيادة القانون. .. وجهود لإنهاء الأزمة ديبلوماسيا لم تكتف مصر بالعمل العسكري المنفرد ضد تنظيم "داعش"، إذ قرنته بعمل ديبلوماسي كبير يستهدف توحيد الجهود الدولية الرامية إلى إعادة الأمن والاستقرار إلى ليبيا، وتنفيذا لتوجيه الرئيس عبدالفتاح السيسي، أكدت وزارة الخارجية في بيان حصلت "الوطن" على نسخة منه، أنها "تجري اتصالات موسعة ومكثفة مع جميع دول العالم، إذ صدرت تعليمات فورية لكل سفراء مصر في الخارج، ولمساعدي وزير الخارجية لاستدعاء كل السفراء الأجانب المعتمدين في القاهرة، لإطلاعهم على تطورات الموقف بعد هذا الحادث البربري، وتأكيد الخطورة البالغة لاستشراء الإرهاب في العالم، وبصفة خاصة في منطقة الشرق الأوسط وتحديدا ليبيا، وضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته بالتحرك الفوري والفعال ضد التنظيمات الإرهابية". وأضافت الوزارة أن "وزير الخارجية سامح شكري توجه إلى واشنطن للمشاركة في قمة الإرهاب التي تنطلق غدا وتستمر حتى الجمعة المقبل، لتأكيد موقف مصر الثابت تجاه ظاهرة الإرهاب وأن ترك الأمور على ما هي عليه في ليبيا يمثل تهديدا واضحا للأمن والسلم الدوليين".