دخل لبنان أمس في نذر حرب قد تكون الأكبر مع إسرائيل منذ عام 2006، بعد إطلاق حزب الله صاروخاً على مركبة عسكرية إسرائيلية، في مزارع شبعا، وهي العملية التي أسفرت عن مقتل جنديين إسرائيليين وإصابة عدد آخر، في هجوم وصف ب"الانتقامي" رداً على غارة جوية على سورية، ذهب ضحيتها أعضاء بارزون في حزب الله، في 18 من الشهر الجاري، بينهم جنرال إيراني. وعلى الفور خرج رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام ليجدد التزام بيروت بقرار الأممالمتحدة الذي أنهى الصراع الإسرائيلي مع بلاده، لكنه بدا مستاءً مما سماه "نيات عدوانية أعلنت عنها تل أبيب أخيراً". أما وزير الشباب والرياضة عبدالمطلب حناوي فقد عدّ في تصريحات إلى "الوطن" أن "أي عمل عسكري قد يخدم بالدرجة الأولى مصالح حزب الليكود الانتخابية، لا سيما أن رصيد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منخفض، ومن هذا المنطلق كان الرد العسكري مفترضاً، وإن أي رد آخر سيكون لحفظ ماء وجه تل أبيب لا أكثر". مرة أخرى يصر حزب الله على وضع لبنان في مقدمة المواجهة مع إسرائيل، إذ أعلن أمس تبنيه هجوما استهدف جنودا إسرائيليين عند الحدود بين البلدين، وقال إن مجموعة مسلحة قامت باستهداف موكب عسكري إسرائيلي في مزارع شبعا اللبنانيةالمحتلة، مؤلف من عدد من الآليات، ويضم ضباطا وجنودا، بالأسلحة الصاروخية، ما أدى إلى تدمير عدد منها ووقوع إصابات عدة في صفوف العدو". وردا على تصرف حزب الله، وجه المرشح الرئاسي سمير جعجع انتقادات لطريقة حزب الله في التعامل مع الأمور، وقال "لا يحق للحزب توريط الشعب اللبناني في معركة مع إسرائيل، بل هناك حكومة ومجلس نواب يقرران هذا الموضوع". وكانت إسرائيل قد اعترفت بوقوع أربعة قتلى جراء الهجوم، وإصابة أربعة آخرين، وعلى الفور قامت تل أبيب بقصف المناطق اللبنانية الحدودية بالمدفعية والدبابات، وأشارت مصادر محلية إلى أن القصف طال خمس مناطق على الأقل تقع بالقرب من الحدود، وأن 25 قذيفة سقطت في الجانب اللبناني من الحدود، وأضاف المصدر أن الطيران الحربي الإسرائيلي يحلق بكثافة فوق الحدود مع لبنان. بدوره، توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرد على الهجوم، وقال في تغريدة على موقع تويتر، إن الجيش الإسرائيلي "مستعد للرد بقوة، بعد الهجوم على مركبة عسكرية إسرائيلية على الحدود مع لبنان، ولن نسمح للإرهابيين بتعطيل حياة مواطنينا وتهديد أمنهم. سنرد بقوة على من يحاولون تحدينا. ومن يتحدى إسرائيل عليه تذكر ما حصل في صيف 2006". من جانبه، عدّ رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أمان عاموس يدلين ما حصل في مزارع شبعا أنه "تطور خطير جدا ولا يمكن أن يمر على إسرائيل دون معاقبة الفاعل". في غضون ذلك، أكدت الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان أن جنديا إسرائيليا أسر خلال العملية في مزارع شبعا. كما قالت الوكالة إن جنديا إسبانيا من قوة الأممالمتحدة توفي متأثرا بجراح أصيب بها في القصف الإسرائيلي في منطقة العباسية فجر أمس". وفي سياق متصل، بدأ الجيش الإسرائيلي أمس، أعمال حفر على الحدود مع لبنان، وسط مخاوف من قيام حزب الله اللبناني بإقامة أنفاق في المنطقة، وقال الجيش إنه لا يملك معلومات على وجود هذه الأنفاق، لكنه أشار إلى أن سكانا في المناطق الحدودية أبلغوه بسماعهم لأصوات حفر أسفل منازلهم خلال ساعات الليل، وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن الجيش يتعاون مع عمال محليين في بلدة "زرعيت" الحدودية لتنفيذ عمليات الحفر. ولم يكد حزب الله يعلن تبنيه للعملية حتى دخلت طهران على الخط، إذ قالت وكالة الأنباء الإيرانية إن طهران بعثت بتحذير إلى إسرائيل عبر واشنطن، مفاده أن على تل أبيب انتظار عواقب غارتها الجوية الأخيرة على مرتفعات الجولان السورية التي أودت بحياة الجنرال في الحرس الثوري محمد علي الله دادي، إلى جانب ستة من مقاتلي حزب الله، ونقلت الوكالة عن مساعد وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان قوله "أبلغنا الأميركيين أن على قادة تل أبيب ترقب عواقب فعلتهم"، مضيفا أن إسرائيل "تجاوزت الخطوط الحمر". .. ويشتبك مع مسلحين سوريين اندلعت اشتباكات مسلحة عنيفة مساء أمس، بين عناصر من حزب الله ومسلحين سوريين في منطقة حدودية مع سورية، وقال مصدر أمني لبناني إن الاشتباكات التي دارت بين الجانبين في محيط بلدة نحلة المحاذية للحدود السورية شرقي لبنان أسفرت عن مصرع خمسة عناصر من الحزب وإصابة أربعة آخرين. وأشار إلى أن حزب الله استخدم أسلحة ثقيلة في تلك الاشتباكات، إلا أنه لم يكشف عن سبب اندلاعها. وأضاف أن حزب الله شارك في المواجهات إلى جانب النظام السوري ضد مقاتلي تنظيم "جبهة النصرة".