البيعة عقد ملزم بين الراعي والرعية، وتأتي ضمن ما شرعه لنا الشارع. بهدف ضبط مسيرة الأمة وحفظ أمنها وتأمين استقرارها وتقوية مفهوم السلم الأهلي والارتباط بين الراعي الذي اختارته الأمة برضائها، وبايعته البيعة الشرعية التي هي عقد ملزم لجميع أطرافه، ومن أولوياته السمع والطاعة في المنشط والمكره. أما مضامينها: فمسؤولية الحاكم في تأمين العدل بين الرعية والرفق بهم والنصح والشفقة بهم، ورعاية مصالحهم وتفقد أحوالهم، ومساواتهم بالعدل في الحقوق والواجبات الدينية، والارتقاء بالمستوى المعيشي والتعليمي والصحي والاجتماعي، والمحافظة على الأمن الذي هو أساس الاستقرار للحياة الكريمة في قوله تعالى (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون). إذن، فالبيعة حق ولنا في رسول الله أسوة حسنة، فقد سنها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وطبقها في بيعتي العقبة الأولى والثانية، إذ بايعه الأنصار، أوسهم وخزرجهم، في العقبة الأولى، وفي العقبة الثانية بيعة الأنصار وعددهم 73 رجلا وامرأتان بحضور عمه العباس بن عبدالمطلب، إذ قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم"، فبايعه الأنصار يتقدمهم البراء بن معرور ثم قال: "نعم والذي بعثك بالحق إنا نمنعك مما نمنع منه أزرَنا، فبايعنا يا رسول الله، نحن والله أبناء لحروب وأهل الحلقة، ورثناها كابرا عن كابر..". ولا تجب منازعة ولي الأمر في بيعته لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه - وسلم يقول (من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة الجاهلية) رياض الصالحين ص 301. هذه البيعة بأهدافها ومضامينها الإسلامي وفي تنظيم الدول في عصرنا الحديث نجد أن هذا النهج تسير عليه الدول كل بحسب ما لديها من تنظيمات. المملكة العربية السعودية دستورها ومنهجها كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ففي أدوار الدولة السعودية تأخذ البيعة مكانها المهم. ففي الدور الأول كانت البيعة للإمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود بعد وفاة والده، وبعد وفاة الإمام سعود أعطيت البيعة للإمام عبدالله بن سعود، وفي الدور الثاني كانت البيعة للإمام تركي بن عبدالله، وبعد وفاته أعطيت للإمام فيصل بن تركي - رحمهم الله - وهذا النهج سارت عليه الدولة. ثم بدأت مسيرة الوحدة بقيادة المؤسس ورجاله الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه إما النصر أو الشهادة، بيعة صادقة تحقق بموجبها النصر، ففي شهر شوال 1319 وبفضل الله كان الفتح المبارك وفي 5/ شوال 1319 نادى المنادي للملك لله ثم لعبدالعزيز. وفي عام 1320 كانت بيعة الإمام عبدالرحمن لابنه عبدالعزيز وفيها أعلن الإمام تنازله عن الإمارة لأكبر أبنائه عبدالعزيز، وأهدى إليه سيف الإمام سعود الكبير فكانت هذه البيعة للملك عبدالعزيز من والده. الوجيز ص 32 كانت البيعة الرابعة للملك عبدالعزيز في مكةالمكرمة بتاريخ 25/ جمادى الآخرة 1344 الموافق 8/ 1/ 1926 وبموجب هذه البيعة أصبح لقبه يومئذ ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاته. الوجيز ص125. ووفاء من أبناء المملكة العربية السعودية رجال الملك عبدالعزيز - رحمه الله - مع قائدهم كانت البيعة الخامسة في اليوم ال12 من جمادى الأولى 1351 وفي اجتماع أهل الحل في مدينة الطائف قرروا أن يرفعوا إلى الملك عبدالعزيز قرارهم بالرغبة بتحويل اسم المملكة الحجازية والنجدية وملحقاتها إلى اسم المملكة العربية السعودية ووضع نظام خاص بالحكم وتوريث العرش وبموجبه صدر نظام توحيد المملكة العربية السعودية يوم الخميس ال21 من جمادى الأولى 1351. ثم أمر الملك المؤسس - رحمه الله - بوضع نظام توارث العرش وبموجب قرار مجلس الوكلاء والشورى في 16 محرم 1352 = 11/ 5/ 1933 بمبايعة الأمير سعود بن عبدالعزيز ولياً للعهد. وفي مسيرة وحدتنا المباركة وبناء الدولة كان الآباء والأجداد يبايعون الملك عبدالعزيز على السمع والطاعة في المنشط والمكره، وكانوا جنوده المخلصين الذين آزروا مسيرة وحدتنا المباركة، فالشعب السعودي الكريم السباق إلى تأصيل البيعة لأبناء المؤسس ملوكنا الأمجاد سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله ووليي العهد سلطان ونايف، نسأل الله لهم المغفرة والرحمة. وبلادنا بفضل الله تسير على طريق المجد وترسيخ وحدتنا بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أمده الله بالعون والتوفيق - بيعة الوفاء لصاحب الوفاء قائد مسيرة التنمية والتطوير - أمده الله - بنصره وتوفيقه ومتعه بالصحة والعافية، ومبايعة عضده الأيمن أمين العهد رجل الوفاء صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، ولصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، حفظهم الله. هذه بيعتنا نؤمن بأهميتها ونحافظ عليها فهي من أهم مكتسبات الشعب السعودي الوفي لله ثم لقيادته وولاة أمره، ونحن على العهد ماضون.