انبهرت وتساءلت وسائل الإعلام العالمية، واهتم كتاب الرأي وأصحاب البرامج الحوارية بوفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله وتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله سدة الحكم من بعده، وترتيب ولاية العهد، فمن لا يعرف حقيقة هذا الوطن وأهله ممثلاً في هذه الأسرة الحاكمة التي تتكئ على مبادئ ومرتكزات عريقة، وقبل ذلك تعتمد في حكمها وإدارة شؤون الدولة على أحكام الشريعة الإسلامية وتعاليمها السمحة منذ أن وهبها الله حكم هذه البلاد، يتساءل عن سر استقرار هذا الوطن الكبير. بل ترد التساؤلات بصيغ شتى، ولذلك فلهذا السؤال ألف جواب وجواب، لكن بالنسبة لنا كمواطنين ليس مستغربا ما تم. ولذا أقول إن هذا الوطن ليس كمثل كل الأوطان، فهو مهبط الوحي والهدى، وطن النماء، وطن الألفة والمحبة والتسامي، فلله درك من وطن، ولله درك من شعب، يرحل ملك إلى جوار ربه فيحل محله ملك يواصل مسيرة النماء والعطاء، فأي وطن هذا يغيب في سمائه نجم، فيظهر في كبد السماء نجم جديد يتلألأ وبجانبه نجمان جديدان بل عدة نجوم. أي شعب هذا تبكي عينه اليمنى حزنا على الفقيد، فتسابقها دموع العين اليسرى أملاً ومحبة وتفاؤلاً بالمستقبل الزاهي بإذن الله، وتقول للملك الجديد في العيون كلها، أي شعب هذا؟ يبكي الطفل الصغير من بكاء أهله ويقول (بابا عبدالله راح) فتبتسم أخته الأكبر منه سناً وتقول (بابا سلمان بعد الله موجود)، أي وطن هذا فيه أسرة كريمة تضرب في أعماق التاريخ كلما أشاع المغرضون وراهن الأعداء والمرجفون على شيء (ما) خسروا سريعاً الرهان وانفضحوا بقصر النظر وعدم قراءة تاريخ هذه الأسرة الحاكمة وعدم فهم حقيقة هذا الشعب الوفي، أي أسرة حاكمة هذه التي وهبها الله الحكم، فقادتنا يتغذون على الالتفاف والاحترام ويبثون روح الأمل في قلوب أبناء هذا الوطن.. أي وطن يماثلك يا وطني؟ أي شعب أنت عندما تقول: اللهم ارحم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وفي نفس الوقت ترفع اليدين عاليا وتقول: اللهم سلم سلمان بن عبدالعزيز ملكاً وخادماً للحرمين الشريفين، واحفظه وأمده بتوفيقك وألبسه وولي عهده، وولي ولي عهده الصحة والسلامة والعافية.. أي شعب هذا الذي يقول وداعاً يا أبا متعب وإلى جنة الفردوس نزلاً، وفي نفس الوقت يقول حمداً على نعمائه ويتولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز سدة الحكم. سلمان أحد أركان وأعمدة القرار السعودي خلال أكثر من نصف قرن، بل هو أكثر اطلاعاً ومعرفة بمفاهيم شؤون الحكم، وهو من يحسن قراءه التاريخ ويجل الوقت، وبالتالي فهو ربان السفينة الماهر الذي يعرف موانئ السلام والخير والبركة بإذن الله وبمعونة سمو ولي عهده وولي ولي عهده، ولكل منهما خصالهما الحميدة ومميزاتهما القيادية والإدارية. أي شعب هذا يتوارث الصفات الحميدة فيوصي الكبير الصغير على الحب والطاعة لولي الأمر بعد طاعة الله، سبحان الله ما أعظم هذا الدين الذي هو روح حياتنا وديدن أعمالنا، ولذلك فدعاء ولي الأمر مقرون بدعاء الإنسان لنفسه ووالديه. ألم أقل إن هناك ألف جواب وجواب لتساؤل وانبهار العالم عن حقيقة هذا الوطن والشعب والقيادة. فلله درك يا وطن وأنت تحتضن أقدس البقاع وأحبها إلى الله مكةالمكرمة، وفيها مهبط الوحي وقبلة المسلمين والمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والتسليم منطلق الإشعاع الحضاري والإنساني للعالم. وأخيرا، ما زال هناك ألف جواب وجواب لذلك التساؤل، لكن خير الختام هو الابتهال إلى الله عز وجل أن يتغمد خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز بواسع رحمته، وأن يجعله مع الأنبياء والصالحين والشهداء وحسن أولئك رفيقا، وأن يحلله ويبيحه وأن يحفظ لهذا الوطن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ويمده بالعون والتوفيق، والدعاء موصول لولي عهده الأمير مقرن بن عبدالعزيز وولي ولي عهده الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، وأن يسبغ على هذا الوطن وأهله وقيادته نعمه الظاهرة والباطنة، وأن يصرف عنهم كل مكروه.