قال ذات شعر "أنا لا أكتب شعري في الورق.. إنما أرسمه فوق الشفق"، لكنه طوى قصيدته هذه المرة ووضعها في جيبه.. ومات. التفاصيل التي رافقت آخر قصائد الأديب محمد إسماعيل جوهرجي، الذي رحل مساء أول من أمس في ثلوثية محمد سعيد طيب، كانت بمثابة النعي لشاعر انحاز إلى الشعر حتى آخر دقات قلبه. رحل جوهرجي بعد أن مدح الشيب وقدحه، في قصيدتين جاءتا بمثابة تلويحة وداع في حفل تكريم صديقه وزير الثقافة والإعلام السابق الدكتور عبدالعزيز خوجة.
من النادر أن تجد ذلك الاهتمام الإعلامي الواسع لأحد شعراء المملكة، مثل ما حدث مع الأديب والشاعر محمد إسماعيل جوهرجي، الذي تناقلت وسائط التواصل الاجتماعي نبأ وفاته بعد تغريدة بثها وزير الثقافة والإعلام السابق الدكتور عبد العزيز خوجة في حسابه عبر تويتر. وفي تصريح إلى "الوطن" قال محمد سعيد الطيب، الشاعر الجوهرجي توفي بعد أن ألقى قصيدتين في مدح الشيب وأخرى في قدحه، نالتا استحسان الحضور وقابلهما بالتصفيق لروعة مضمونهما، وبعد أن وضع الأوراق في جيبه سقط على الأرض. كان ذلك ما بين العاشرة والحادية عشرة مساء، وتم نقله إلى مشفى الملك فهد في جدة، لكن الأطباء الموجودين في الأمسية أكدوا مفارقته للحياة، فيما واصل خوجة سرد مناقب الفقيد وشاعريته الكبيرة. يذكر أن خوجة كان على رأس المشيعين للفقيد في المقبرة أمس. وعند البحث عن التفاصيل المرجعية للشاعر الراحل، بين عتبات الكتب الأدبية والمواقع المتخصصة، تجد أنها تجمع على قاسم مشترك واحد وهو أن جوهرجي رائد "الشعر الرومانسي"، وكأن الصفة تعود ل 19 مايو 2003، حينما وصفه عبد المقصود خوجة خلال حفل تكريمه. تشير إحدى الإضابير الثقافية التي حصلت عليها "الوطن" إلى أن المتتبع لدواوين الراحل يجد أنه كان بمثابة رأس جسر ربط جيله بجيل الشعراء الكبار أمثال العواد، والقنديل، وشحاتة، والزمخشري، وبلخير، والفقي، وحسين سراج. كثير من النقاد الذين رصدتهم "الوطن" يؤكدون أن الجوهرجي الشاعر سعى إلى تعميق الرومانسية في شعره، قائلين كأنه يتفق مع أحد النقاد الإنجليز الكبار، وهو "دبليو ب. كير" الذي أكد أن الشاعر الأصيل أو المجدد لا بد أن يبدأ بالرومانسية. تصفه بعض الوثائق الثقافية بأن شاعرا حجازيا، استشعر ذاته على أرض الحجاز، وكأن قصائده تطوف بحثاً عن البطاح التي تغنى فوقها ابن أبي ربيعة، وسار فوق رمالها الشريف الرضي. يذكر أن محمد جوهرجي ولد في مكةالمكرمة عام 1356 قال الشعر مبكرا، طبع سبعة دواوين شعرية، وهو من المهتمين باللغة العربية وصاحب مؤلفات "التقطيع العروضي الحرفي للمعلقات العشر، الموجز في النحو، قال الفتى، النوتة الشعرية، وإصداره الأخير الخطأ والصواب".