بينما أدى ضعف الرقابة على من يقومون بعقد الأنكحة في الأحياء العشوائية جنوبجدة إلى زيادة عدد زيجات المواطنين من مقيمات دون تراخيص، سحبت وزارة العدل تراخيص 13 مأذونا بسبب ارتكابهم مخالفات. وصرح مدير الإدارة العامة للأنكحة بوزارة العدل محمد البابطين إلى "الوطن" أن "عدد مأذوني الأنكحة في جميع المناطق المصرح لهم من قبل وزارة العدل يبلغ ستة آلاف"، مؤكدا أن من يبرم عقد الزواج يجب أن يكون لديه ترخيص يسمح له بالعمل، وفق الاشتراطات التي حددتها لائحة مأذوني عقود الأنكحة. من جهته، قال مصدر مطلع في وزارة العدل ل"الوطن"، "إن لائحة مأذوني عقود الأنكحة حددت في مادتها الرابعة والعشرين المخالفات التي تصدر من المأذونين سواء كانت شرعية أو نظامية، ومنها ما يخل بالسلوك والآداب، أو اشتراط مبلغ محدد لإتمام العقد، أو ممارسة العمل بعد انتهاء الرخصة، وفي هذه الحالات تتم مساءلة المخالف، وتتولى الإدارة المتخصصة برفع الأمر إلى اللجنة التأديبية". وأكد أن "الوزارة سبق أن سحبت تراخيص 13 مأذونا بسبب ارتكابهم أمورا مخالفة، منها عقد زيجات لمقيمات في منازلهن، أو تزويج البعض دون إذن". "الوطن" رصدت فتيات عدة تم عقد قرانهن على مواطنين عن طريق إمام مسجد في حي غليل بدون تصريح، كما لاحظت من خلال قضايا منظورة في محكمة الأحوال الشخصية بجدة أن أكثر الزيجات التي تتم بدون تصاريح تكون وقتية، ولا تلزم الأب بالاعتراف بأبنائه، لذا تلجأ الأمهات إلى القضاء. تقول ه. ق وهي مواطنة لا تحمل وثائق ثبوتية "تقدم شاب سعودي إلى شقيقي لخطبتي، وبعد الموافقة تم عقد القران عن طريق مقيم عربي معروف بالحي اعتاد تزويج الفتيات دون عقد رسمي، أو تصريح". وأوضحت أن "هناك أسبابا عدة تدفع أولياء الأمور في الأحياء العشوائية لتزويج بناتهن بدون تصاريح، ومنها أن تكون الفتاة مجهولة الهوية، ولا تمتلك أوراقا ثبوتية، فيعقد ولي أمرها قرانها عن طريق أحد أئمة المساجد". ويقول عمدة حي البغدادية فواز سلامة ل"الوطن": "إن ظاهرة الزواج بدون تصريح أو أمر قضائي تكثر بين المقيمين، خاصة بين بعض الجنسيات الأفريقية، حيث تعيش غالبية الأسر في جماعات يصعب تفككها، ومن هنا ينشأ الاقتران غير المصرح به". وأضاف أن "بعض الأسر المقيمة، والتي تنتمي إلى جنسيات محددة تسعى إلى التخلص من الفتاة ومطالب الحياة من مأوى وأكل وشرب بتزويجها لأقرب رجل، ويتم ذلك عبر وسطاء وكبار في السن من أفراد الجنسية، وغالبا ما يتم العقد بحضور ولي الزوجة شقيقها أو والدها، أو من ينوب عنهما، وبدون مأذون شرعي، حيث يقوم بالمهمة رجال عرفوا بعقد تلك الزيجات بمقابل مادي"، مشيرا إلى أنه قد ينتج عن ذلك أطفال لا يستطيع أهاليهم تسجيلهم في المستشفيات أو الأحوال. من ناحيته، يؤكد مدير مركز الطب النفسي والعلاج السلوكي الدكتور محمد الحامد، أن "للزواج المخالف أضرارا عدة، منها ولادة أطفال منبوذين وناقمين على المجتمع، مصابين بأمراض نفسية واجتماعية تعود سلبا على المجتمع، حيث يسعى هؤلاء إلى التسول، أو السرقة، والسطو على ما يقع تحت أيديهم". من ناحية أخرى، قال المستشار القانوني والمحامي عبدالرحمن الشهراني، "إن مجلس الشورى درس منذ فترة اقتراحا بإقرار غرامة 100 ألف ريال بحق المواطن الذي يتزوج من مقيمة دون تصريح، ولكن ذلك لم يطبق حتى الآن". وأضاف أن "المواطن الذي يتزوج من أجنبية بالمخالفة بالشروط والتي من ضمنها الحصول على موافقة مسبقة من الجهة المتخصصة، يعرض نفسه للمساءلة، وإذا كان من أبرم العقد مأذون رسمي يسحب الترخيص منه، وإذا تعلق الأمر بالمقيمين يجب أن يكون عقد الزواج موثقاً لدى المحكمة المتخصصة"، مشيرا إلى أن زواج السعوديين بغيرهم يحتاج إلى وقفة جادة، وقوانين وعقوبات واضحة، حتى لا يكون الأبناء هم الضحية.