معلومة ذكرها أحدهم أمامي دون مقدمات.. والتقطتها أذني دون تعمد.. والراوي يقول إن بعض موظفي الحكومة يحملون صفتين، وقد أكد ذلك مسؤول رفيع في الدولة عندما قال إنه يتحدث إلى رجال الأعمال (كرجل أعمال) وليس كمسؤول. والمهم أن الصفة الأولى لبعض موظفي الحكومة (موظف حكومي) كما هو عمله الحالي.. والصفة الثانية (رجل أعمال) كما في سجله المدني ويزاول نشاطه دون قيود وعلى مدار الساعة! ولمثل هذه الازدواجية مخاطرها ومحظوراتها. ثم إنني أعرف أن من بين شروط التعيين في أي وظيفة حكومية شرط تعديل المهنة إلى موظف حكومي مدنيا كان أو عسكريا. وهذه المعلومة ربما يكون طرأ عليها تعديل أو تبديل خصوصاً أنني غير متابع لمثل هذه الأمور منذ أن تمت إحالتي إلى التقاعد. ولكني أتذكر أنني عانيت الأمرين حتى تم تعديل مهنتي من ضابط متقاعد بوزارة الداخلية إلى رجل أعمال. واحتاج مني هذا التعديل إلى حوالي ثلاث سنوات من المراجعات حتى صدرت الموافقة من معالي وكيل وزارة الداخلية للأحوال المدنية آنذاك على تعديل مهنتي إلى رجل أعمال. ولم يكن ليضيرني بقاء مهنتي في بطاقة الأحوال كما هو (ضابط أمن متقاعد)، ولكني اضطررت إلى ذلك، خصوصاً بعد أن تعرضت لكثير من المضايقات من بعض الجهات الأمنية خارج المملكة. هذا من جهة ومن الأخرى فإن المتقاعد ولله الحمد والمنة لا يحظى لدينا بأي مميزات. وهذه حقيقة نعرفها جميعاً، وعلى العكس ينفض الناس من حول المتقاعد وينفرون منه وكأنه مصاب بمرض معدٍ. وهذا خلاف ما يحظى به المتقاعد من تقدير واحترام وحفظ للمكانة في جميع أنحاء العالم. وأتذكر أن أحد الزملاء أُحيل إلى التقاعد وهو برتبة لواء، وبعد مدة وقع حادث لأحد أبنائه في إحدى المدن الكبرى وبطبيعة الحال انتقل ذلك الزميل إلى مكان الحادث.. كان ابنه هو المصاب والطرف الآخر هو المدان في الحادث. ومن باب الأدب تقدم لرجل المرور (ضابط صف) الذي كان يباشر الحادث وعرّفه بنفسه، وكان الرد (الصاعق) أنت (لواء) أمس أما اليوم فأنت (متقاعد)! وهذا الرد غير المهذب والبعيد عن السلوك السليم يعبر وبصدق عن ثقافة منتشرة لدى مجتمعنا وللأسف، وكأن هذا المتقاعد لم يفن وقته وجهده وعمره في خدمة دينه ثم وطنه وولاة الأمر والمواطنين. وأعود إلى موضوع عنوان هذا المقال فأقول.. إن كثيرين من موظفي الحكومة يحبذون الجمع بين مسمى المهنة (موظف حكومي) ومسمى المهنة (رجل أعمال).. كضمان قوي لاستمرار مصالحهم الخاصة وعدم تعثرها.