البشر بفطرتهم يبحثون عن الملذات، فمنذ الولادة يبدأ الإنسان حسب ما يعتقده علم النفس بالبحث عن المتعة أولاً عبر الرضاعة، ثم عبر جهازه التناسلي، حتى تتصاعد هذه الملذات وتستقر في الدماغ من خلال المخدرات. المخدرات آفة هذا العصر، وما من مجتمع إنساني إلا ويحارب هذه الآفة المدمرة لكل بنية إنسانية على مستوى الجسد والروح. وحتى أمس كانت المخدرات عبارة عن مواد محسوسة، يمكن التفتيش عنها ومصادرتها، أما اليوم فقد غدا باستطاعة المرء تحميل ملفات موسيقية عبر الإنترنت تعد "مستهلكيها" بتأثيرات شبيهة بتلك التي تحدثها المخدرات المهلوسة، وذلك حسب تقرير نشره موقع"الجمل بما حمل" http://www.aljaml.com/node/61274 وهو موقع اجتماعي وسياسي جاد. يقول التقرير إن هذه "المواد الرقمية" تقوم على تقنية "النقر في كلتا الأذنين" القائمة على بث صوتين متشابهين في كل أذن لكن ترددهما مختلف، ما يؤدي الى تغيير الموجات الدماغية. أما عالمة النفس العصبي بريجيت فورجر فتوضح المسألة على الشكل التالي: يمكن بفضل هذه التقنية حث الدماغ على توليد الموجات المطلوبة، موجات بطيئة كموجات "ألفا" المرتبطة بحالة الاسترخاء، أو موجات أسرع مثل موجات "بيتا" المرتبطة بحالات يقظة وتركيز. أحد المواقع الإلكترونية تجرأ وبدأ يبيع المخدرات الرقمية، وحتى الآن لديه 200 جرعة مخدرة مختلفة، ولا يتطلب الأمر سوى شراء سماعات أذن تتراوح أسعارها بين 2.5 إلى 199 دولارا أمريكيا كما وفر برنامجاً للاستماع إلى هذه الموسيقى المخدرة، تم تحميله أكثر من 1.4 مليون مرة. وينصح الموقع المستخدمين بإعادة ضبط الاستماع إلى الأصوات لمدة 20 دقيقة لمسح تأثيرات الإصغاء السابقة. ويمكن لأحدنا أن يعتقد بأن كل ذلك مجرد تكهنات لكن خبيرة علم النفس العصبي تقول على الرغم من أن تأثير الأصوات يتوقف حالما يكف المستخدم عن سماعها، إلا أن الاستخدام المكثف للأصوات المحفزة، يمكن أن يؤدي على المدى الطويل إلى اضطرابات في النوم أو القلق، تماماً مثل الاستخدام المفرط للمنشطات. لقد كنا أمام مصيبة المخدرات المادية والآن نحن نقف أمام مصيبة أخرى ستكون أوسع انتشاراً وأكثر استهلاكاً خاصة وقد أدمن كثير من أطفالنا سماع الموسيقى الأمريكية الصاخبة، وبوجود الإنترنت بين أيديهم.