يتفق كثير من المنتمين للوسط الرياضي بأن دورات الخليج لم تعد تحظى باهتمام المنتخبات أو اللاعبين أو الإعلام أو الجماهير حيث لا تعدو أن تكون مجرد ملتقى أخوي يضم شعوب منطقة الخليج خصوصا أنها غير معترف بها دوليا حتى اليوم. ويضع بعض النقاد اللوم على الاحتراف في المملكة الذي يشكل مكسبا ماليا كبيرا للاعبين أفقدهم الشعور بالمسؤولية نحو منتخب الوطن وعزز من انتمائهم وولائهم لأنديتهم بشكل أكبر وأفقدهم الطموح نحو تحقيق اللقب. ويرى المحللون الفنيون أن دورات الخليج السابقة كانت تبرز نجوما للملاعب، بينما حاليا أصبح من الصعب أن تجد نجما يسطع في سماء الخليج إلا ما ندر كما بزغ مهاجم الإمارات عمر عبدالرحمن في "خليجي21" بالبحرين. الولاء للأندية يوضح قائد المنتخب السعودي الأول لكرة القدم سابقا إبراهيم تحسين الذي شارك في دورات الخليج الثالثة والرابعة والخامسة أن دورات الخليج تهدف إلى التعارف وتوطيد أواصر المحبة والأخوة والمنافسة الشريفة، إنما من الناحية الفنية "في السابق ساهمت في تقدم الكرة السعودية من خلال بناء المقرات والمنشآت من خلال تطوير الأندية الرياضية في المملكة، لكن الآن انخفضت درجة الاستفادة من هذه الدورات بسبب عدم رغبة كثير من اللاعبين على الانضمام للمنتخب لأن ولاؤه للنادي أكبر كونه يدفع الأموال الطائلة له، ويخشى هؤلاء اللاعبين من التعرض للإصابات والإجهاد، فلا يقدمون ما يجب من العطاء كاللاعبين السابقين الذي كانوا يحلمون بالانضمام إلى قائمة المنتخب الوطني". وعن المنتخب السعودي، قال "القائمة جيدة والمدرب أدرى بلاعبيه إذا لم يستدعي البعض لأنه قضى عدة سنوات مع المنتخب في المملكة ويجب أن يختار طريقة اللعب المناسبة حسب إمكانيات اللاعبين وتسخيرهم وفقا لمزاياهم، وبالتأكيد أن هناك عناصر ستظهر في دورات الخليج أتمنى أن تكون من السعودية، كما سيظهر مدربين بشرط أن يكونوا يملكون لاعبين جيدين". فرصة للشهرة ويؤكد المدرب الوطني لفريق الحزم الأول لكرة القدم يوسف عنبر أن الهدف من إقامة دورات الخليج العربي كان لتجمع أبناء المنطقة ثم بدأ يأخذ منحى آخر يتمثل في الصخب الكروي داخل وخارج الملعب والمنافسة الشريفة للمنتخبات والاطلاع على ثقافات ووسائل إعلام الدول المشاركة، حتى أصبحت تتطور من الناحية الفنية ونرى منتخبات لم تكن قادرة على الظفر باللقب، تشارك بقوة وتحقق البطولة مثل قطر وعمان والإمارات. ويقول "أصبحت دورات الخليج تبعث من خلال منتخباتها رسائل إلى القارة الآسيوية خصوصا أنها تأتي في موعد يسبق إقامة كأس أمم آسيا بفترة قصيرة، وهي لا زالت مرغوبة ومطلوبة بحاضرها وماضيها الجميل". ويوضح عنبر أن "دورات الخليج هي مولد لنجوم جدد رغم أن عصر الاحتراف أخفى كثير من المواهب لكن العديد من اللاعبين لا يزالون يركزون على الظهور في هذه الدورات ويعتبرونها فرصة للحصول على الشهرة والمجد، فهي محفزة للكثير من العناصر لأن تحفر أسمائها في ذاكرة الجماهير الرياضية في الخليج، وأتوقع أن تشهد الدورة المقامة في الرياض بروز وتألق أسماء عدة من السعودية مثل مصطفى بصاص ونواف العابد وأحمد عسيري، مثلما برز وتألق في دورة الخليج الماضية لاعب منتخب الإمارات عمر عبدالرحمن (عموري) الذي استطاع ان يساهم مع زملائه ضمن مجموعة متوالفة في خطف الكأس في البحرين".ويشدد عنبر على ضرورة الاستمرار على نفس هذا النهج واستثمار هذه الميزة في الدورات الخليجية لبناء منتخب سعودي يمتلك العديد من المواهب الشابة التي تحتاج إلى توظيف وتحفيز وهي بالفعل قادرة على تحقيق اللقب إذا ما حظيت بالاهتمام. فقدان الرونق حقق اللاعب صالح الصقري كأس الخليج ال15 مع المنتخب السعودي ورفع الكأس عاليا بفخر قبل سنوات إلا أنه يرى بأن هذا الفرح اختفى وتلاشى مع مرور السنين لعدم الاهتمام بهذ البطولة كما كانت في الماضي من قبل الجماهير والإعلام والرعاة. ويقول "لم تعد دورات الخليج تحقق الفائدة الفنية لأن التنافس لم يعد موجودا والاهتمام قل بها فنحن ننتظر مونديال العالم وكأس آسيا بكل شغف، بينما لا تحظى دورة الخليج بمثل هذا الاهتمام الذي يقل تدريجيا. فالإمارات التي حققت كأس الخليج الأخيرة ابتهجت بسبب أن الفريق كان جديدا ومع مدرب وطني شاب". ويضيف "اللاعب السعودي لا يشعر بأن اللقب سيسجل في تاريخه لأن البطولة غير معترف بها دوليا، وهي تشغل حيزا من جدول الدوري السعودي والتدريبات والمعسكرات وتشارك المنتخبات للمجاملة فقط، ويبقى جمال دوراتالخليج يقتصر على التجمع الأخوي". ويوضح "حقق كأس الخليج تحت إشراف مدرب وطني هو ناصر الجوهر، و كان جيلنا آنذاك يختلف عن الحالي، ومنه سامي الجابر ومحمد الدعيع ومحمد الخليوي يرحمه الله وحمزة إدريس وعبدالله سليمان وغيرهم ممن مثل أيضا المنتخب السعودي في مونديالات كأس العالم أكثر من مرة، وفي ذلك الوقت كان للفوز طعم آخر، أما الآن فلا طعم لدورات الخليج لأن الكرة كانت أفضل من الآن بكثير، هي الآن مثيرة وتحت المجهر ومشوهة بعد انتشار مواقع التواصل الاجتماعي". غياب النجوم ويبين لاعب الاتفاق السابق، المحلل الفني حمد الدبيخي أنه في الوضع الحالي هذه الدورات مفيد لبعض المنتخبات أما الأخرى فهي تشارك فقط، فالدول التي لديها دوريات قوية مثل السعودية وقطروالإمارات، تجد في هذه الدورات نجوما يمكن استقطابها للأندية في منتخبات العراق والكويت والبحرين والنماذج موجودة الآن في الدوري السعودي من هذه الدول. ويضيف "على مستوى الجيل الحالي لا يوجد كعب عال للنجوم بل هي متكافئة حيث أنه بعد النجوم التي ظهرت في كأس العالم مع المنتخب السعودي، نجد أنه من الصعب أن نرى أو نتنبأ بنجوم حاليا، سوى لاعب الإمارات عمر عبدالرحمن، لكن في السابق كنا نجد ماجد عبدالله وفيصل الدخيل وحمود سلطان وغيرهم كثيرون، كانت المنتخبات المشاركة الستة تأتي ب25 نجما على الأقل في هذه البطولة الخليجية، لذا كان الفوز يكون بفارق أهداف كبير، لكن الآن المستويات متقاربة، ولم نعد نتوقع من سيفوز باللقب رغم أننا كنا نجزم في الماضي أن الكأس سيذهب للكويت أو العراق". منعطف آخر يقول الإعلامي صالح العمودي إن دورات الخليج اختلفت في الحاضر عن الماضي كليا من حيث الاهتمام الجماهيري والإعلامي والشكل التنظيمي والصيت، فقد كانت بمثابة عروس الكرة الخليجية في السابق، لكنها الآن تغيرت لأسباب عدة تتعلق بالجهات المنظمة والعلاقات بين الدول، فأخذت منعطفا آخرا. ويتابع "مع تقدم الزمن والانفتاح الذي يشهده العالم في العقود الأخيرة وقد باتت المنتخبات تشارك في بطولات دولية، بدأ التوهج يتلاشى من دورات الخليج وفقدت رونقها وإثارتها التي كنا ننتظرها بشغف، ناهيك عن المستوى الفني فلم تعد تجد الاهتمام الكبير من حيث الرغبة في الفوز لدى القيادات الرياضية الشهيرة التي كانت تولي الدورات الخليجية جل اهتمامها ومتابعتها عندما كان الانتصار يشكل إضافة للمنتخب الفائز باللقب، لكنها لا تصنع اليوم مستقبل كرة القدم الخليجية". ويستطرد "أرى أن المسألة نسبية تخنتلف من منتخب لآخر فبعض المنتخبات تسثمر كأس الخليج كإنجاز تاريخي والبعض الآخر لمجرد المشاركة، رغم أنها تحاول أن تقدم مستويات جيدة وتحقق نتائج ايجابية، لكن الرغبة ليشت شديدة للاستفادة من هذه الدورات فنيا، وأصبح حضورها شرفيا، بينما بعض الاتحادات تسعى للاستفادة من دورات الخليج لتحقيق إنجازات". وعن المنتخب السعودي، قال العمودي إن الأخضر يحرص على تحقيق اللقب لكن الاستعدادات للدورة لا تواكب الطموحات، فالإعلام والجماهير يتمنيان تحقيق البطولة ليشعر بالأمل في أن الكرة السعودية تطورت وتحقق البطولات، إنما الإعداد الفني والفكري والفني لا يواكب الأهداف المنشودة. لهذا ننتظرها بشكل عادي على المستويين الجماهيري والإعلامي، ولم نعد نهتم بالتفاصيل الدقيققة الخاصة بها ومتابعتها حتى ضاعت هوية دورات الخليج في السنوات الأخيرة بفعل فاعل".