في الوقت الذي يتخوف فيه الكثير من الزوجات من حدوث تغيرات تصاحب تقدمها في السن، وحدوث ما يسمى ب"جفاف العلاقات بين الزوجين بعد الخمسين"، أجمع خبراء اجتماعيون على قلة مثل هذه الحالات في المجتمع العربي، مؤكدين أن الرجل يصبح أكثر حميمية في النصف الثاني من حياته الزوجية. ونصحت الخبيرة الاجتماعية اعتماد حماد، الزوج بأن يطمئن زوجته بعد سن الأربعين من خلال الكلام والسلوك، ويشعرها بأنها شخص مرغوب فيه، ولها مكانتها في قلبه، مشيرة إلى أن المرأة إذا قاربت الخمسين تحتاج إلى الطمأنة النفسية من خلال شريك حياتها، ليساعدها على تجاوز اضطرابات الشيخوخة المبكرة التي تصيبها مثل انقطاع الدورة الشهرية ونحوها، التي يصاحبها غالبا مزاج متقلب، وحالة نفسية مضطربة. وقالت الحماد إن "للزوج دورا رئيسا في احتواء المرأة فيما يدعى سن اليأس، والصبر على أي ردود أفعال سلبية تصدر منها، وإشعارها دائما بأنه في أشد الحاجة إليها، من خلال عدد من السلوكيات المطمئنة، لتمارس حياتها بشكل طبيعي في هذه المرحلة الحرجة من حياتها". من جهته، أوضح المستشار الأسري لجمعية الزواج بالمدينة المنورة نايف الحربي، أن "التقاليد السائدة في المجتمع العربي تسهم في استقرار الحياة الزوجية ما بعد سن الخمسين، إذ اعتاد الرجل العربي في هذه المرحلة العمرية على الاهتمام بأسرته كزوج، ومرب، والاعتناء بأبنائه، والعمل على جمعهم حوله، والحفاظ على استقرار الأسرة الكبيرة. وبين أن جميع هذه التصرفات إيجابية تقوي أواصر العلاقة في المنازل العربية، موضحا أن تراكم الخبرة والتجربة لدى الزوجين بعد منتصف العمر تساعد على زيادة اللحمة بينهما، وتجاوز أكثر الخلافات بطريقة صحية. بدورها، تقول أمل "52 عاما"، وهي أم ل5 أبناء، "تعيش المرأة طوال مراحل عمرها وهي خائفة من الوصول إلى خريف العمر، أو ما يطلق عليه "سن اليأس"، وكأنه نهاية لحياتها التي أكملت فيها معظم مسؤوليتها، ويبقى القلق يسيطر عليها من ردود فعل أقرب الناس إلى قلبها، الذي تنتظر منه في هذا الوقت الوقوف بجانبها، بيد أنها تفاجأ بحالة من الإهمال، وكأنها أصبحت عاجزة عن القيام بدورها كزوجة وأم، توفر الحياة النفسية والعاطفية لمن حولها". وأضافت أن "بعض الأزواج لا يقدرون شريكة الحياة، بل يكافئونها عندما تتقدم في السن بالجفاء والصدود، متناسين جهودها خلال السنوات التي أمضتها في خدمتهم"، مشيرة إلى أنها لمست هذا الجفاء في عدد من التصرفات والرسائل المقصودة وغيرها، التي تؤدي إلى إشارة واحدة، وهي أنها لم تعد تقوم بمهامها الحياتية كما يجب، وهو ما أصابها بنكسة نفسية جعلتها تفكر جديا في الهروب من نظرات الزوج وعباراته الجارحة. أما الأكاديمية عهود الرحيلي، فعدّت أن "المرأة ما بعد الأربعين تمتلك مقومات كثيرة تبعد عنها التوتر والرهبة من حياتها في النصف الثاني من حياتها الزوجية، إذ تمتلك القوة، والاستقلال، والثقة بالنفس، ولو فكرت جيدا ستجد أنه ليس من حقها الخوض في غمار القلق، وأن سن الأربعين فترة قد تكون فترة العطاء الحقيقية". وأوضحت أن "سن ما بعد الأربعين يعدّ من الناحية المنطقية قمة النضوج الفكري والعقلي للمرأة، إذ أكدت بعض الدراسات الحديثة أن النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 40 و60 سنة لم يشعرن بالسعادة الحقيقية في حياتهن إلا بعد بلوغ هذا السن، وتضيف نتائج هذه الدراسة أن مرحلة منتصف العمر تتضمن السيطرة من جانب الشخص على حياته، وشعوره بالأمن، والاستقرار المادي والوظيفي، والأسري، والابتعاد عن المظاهر الزائفة".