دعا أكاديميون الجامعات العربية والإسلامية إلى تجاوز دورها النمطي في التعليم ونقل المعرفة، إلى الاعتداد بالدور التثقيفي الذي ينهض به قطاع كامل في كل جامعة يتناول الإعداد للمواسم الثقافية الهادفة إلى فهم صحيح الدين في مسائل العقيدة والعبادات والتكاليف والمعاملات والأخلاقيات والسلوك اليومي للطالب، مع دراسة مفصلة لمقاصد الشريعة في حماية النفس والعرض والمال بعيدا عن صيغ الاستبداد والبطش أو مفاهيم القمع والظلم والإرهاب. فيما وصف أكاديمي في ندوة عن "الوسطية والاعتدال في الثقافة الإسلامية" نظمها أخيرا المكتب الثقافي المصري بالرياض، مصطلح الوسطية بأنه دال بطبيعته على صيغ التيسير والقبول بعيدا عن التشنجات، وبمنأى عن الانفراد بالرأي أو التعصب له إلى حد المبادرة الدائمة برفض الرأي الآخر أو مصادرته، دون اعتراف بالمساحة المشتركة في ساحة الحوار. وبين الأستاذ بجامعة القاهرة الدكتور عبدالله التطاوي كيف ترسم الوسطية صورة من التوازن والاعتدال بما ينافي مفردات التطرف والتكلف والتشدد والانغلاق وما حولها من تداعيات صناعة الكراهية والنفور وهو ما يتنافى – بدوره – مع المتطلب الأخلاقي الذي جاء به الرسول الكريم ليتمم مكارم الأخلاق، وليضع اللبنة المكملة للبناء القِيَمي الذي يحكم حركة المجتمع السليم في ظل سيادة مفهوم تلك الوسطية بما حولها من المرونة والتيسير، وقبول الحوار والتصالح مع الذات والآخر بعيدا عن منطق الاستعلاء أو الصلف والغطرسة – أو الازدراء والتحقير للآخر أو افتعال الخصومة معه، وهو ما يمكن أن يمثل مدخلا يحقق الصورة المثلى من الأمن الفكري والمعرفي في تشكيل شباب المجتمعات بوجه عام، وخاصة منهم شباب المجتمعات العربية الإسلامية بكل ما يحيطه من تحديات لا سيما شباب الجامعات. في حين أكد المستشار خالد الشاذلي في كلمته أن الله بعث الديانات كلها لتعليم البشر التعايش والحب والمودة وحسن المعاملة. فالدين المعاملة. فكيف يمكن أن يصبح الدين سبب اندلاع كل الحروب والقتل والتطرف وعدم التسامح فى العالم الآن والذي يجرى سواء بين أصحاب الديانات المختلفة أو بين حتى أصحاب الدين الواحد، ذو المذاهب والملل المختلفة. لو كان الدين يمكن أن يكون سببا للكراهية والدمار ما كان الله قد بعثه أصلا إلى البشر. لابد أن ندرك خطأ تحاربنا تحت شعارات دينية مزعومة غير صحيحة وأن نعود جميعنا إلى اتباع التعاليم الحقة للأديان والتي تحض على الحب والتعايش والتعاون. وخلصت الندوة في توصياتها إلى ضرورة التحول من ثقافة القول وردود الفعل والثقافة التبريرية إلى ثقافة الفعل والأخذ بزمام المبادرة، وتجاوز الجامعات لثقافة المؤتمرات والجدل والاستعراض الإعلامي إلى ثقافة النقد والتحليل والدراسة الجادة للقضايا والموضوعات، وتفعيل ودراسة صيغ التنسيق والتكامل بين الهيئات والمؤسسات التعليمية والتربوية والإعلامية.