"مثلما بدأ الاعتراف والاحتفاء بيوم الوطن خجولا يقبله البعض ويرفضه آخرون مستندين إلى فتاوى خارج العصر، لكنه كبر وكبر حتى غدا اليوم فرحا يتسامى للسماء. هذا الاعتراف بيوم الوطن ما كان ليحدث لو لم يستجب السياسي للمنطق وأسس الدول وجديد العلاقات بين الأمم". بهذه العبارات بدأ الكاتب عمر العامري محاضرته التي نظمها أخيرا نادي جازان الأدبي في إحدى القاعات بمحافظة ضمد. وقال العامري الذي أصدر مجموعات قصصية ورواية، واشتهر بكتابه "ليس لدى الأدميرال من يكاتبه- سيرة ضابط سعودي": كنا نرى هذا التيار ونرعاه ونجامله ونزايد عليه أحيانا وباسم التدين. كأننا قبل ذلك لم نكن مسلمين ولا متدينين، وهو يوغل في ثقافة التحريم والتكفير والأنا المفرطة. وحتى عندما صحونا على تفجيرات الخبر والعليا والهجوم على مؤسسات الدولة حاولنا إنكاره، وبدأنا نتساءل وبإنكار أحيانا وبصوت خجول قائلين: من أين جاء هذا الفكر؟ وكالعادة حاولنا التنصل منه ورميه على الآخر، والحقيقة أنه فكر المطويات والشريط الإسلامي والمخيمات الدعوية والكثير الكثير من المشايخ المطاردين من بلادهم، والذين آويناهم بكرم ومنحناهم المنابر والميكرفونات وحلقات التحفيظ وأروقة الجامعات. ويستطرد العامري قائلا: إن صناعة هذا الأمل لن يأتي إلا عبر معركة طويلة من إرساء قيم العدالة الاجتماعية وخلق الفرص ومحو شبح الفقر والبطالة والخوف من المستقبل ..لا بالوعود ولا بتسليم ملفات الفقر والبطالة والسعودة لمؤسسات بيروقراطية تتنفع من وراء ذلك ولا تقدم حلولا. ولن نتحدث عن التعليم وعن المنهج الخفي في التعليم لأن ما كتب في هذا المجال يكفي لجريان نهر صغير. وأضاف العامري: نحن بحاجة إلى مجتمع التسامح والاعتدال المتصالح مع ذاته ومع من حوله ؟. ونحن يقينا لا نمتلك هذا المجتمع ولا نحيا فيه.. مجتمعنا هو مجتمع الإقصاء والتصنيفات وما زلنا بحاجة إلى مسار طويل وأدوات كثيرة لبلوغ ذلك ومرة أخرى لن نبلغ ذلك بالوعظ والإنشائيات ولا بجلسات الحوار الوطني، التي هي تفتقر أيضا إلى التسامح وتنحاز إلى طيف دون آخر، وإلا مثلا لم لا تدير إحدى جلسات هذا الحوار امرأة ؟ قيم التسامح تستلزم تكريس قيم مجتمعية وحتى حقوقية وقانونية لقبول ثقافة الاختلاف وقبول الآخر وإعلاء قيم التعايش والعدل والمساواة والشعور بالانتماء والمواطنة وخلق فضاءات أكبر للحريات الشخصية ونشر ثقافة الفرح والترفيه وحب الحياة. حب الحياة وحب الفرح هو وحده ما يجعلنا حريصين على أن نعيش هذه الحياة ويصنع داخلنا مساحات أكبر لانتظار الغد والمستقبل ويحد من ثقافة الكراهية والتطرف، ونحن بحاجة إلى قوانين جادة ورادعة ومطبقة ضد التكفير والتخوين والشتم، وعلينا أن نطرح أسئلة صادقة حتى وإن كانت موجعة وعلينا مواجهة الذات. وأظن أن هذا هو أول الطريق نحو مجتمع ينبذ العنف والتطرف والقتل والإرهاب بكل تصنيفاته وخلق المواطن المعتدل.