هناك فئة من الناس لديها نزعة التسلط والتجبر على الآخرين، الذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم، والذود عن حياضهم، ولو تعمقنا في شخصيات مثل هؤلاء، لوجدنا أن دوافعهم نفسية، فهم يريدون إظهار بطولتهم أمام أقرانهم، من خلال إقصاء غيرهم ممن يجدون سبيلا للنيل منهم بالقول أو بالفعل، وكأنهم يودون اكتساب حصانة تمنع أصدقاءهم من النظر إليهم بدونية، وتقيهم سطوة الطبقات الأعلى من طبقتهم. حقا، إنها فئة غريبة الأطوار، فمنهم من غره منصب دنيوي أو مؤهل علمي، وبعضهم ضحكت له الدنيا بمال أو شهرة أو جاه، وآخرون لا يملكون شيئا من هذا، غير أنهم مصابون بداء العظمة أو الكبر، الأمر الذي أعماهم عن سبيل الرشاد. وحتى لا يظل الحديث عائما، دعونا نتطرق لبعض نماذج المتسلطين؛ ليتضح بذلك ما نصبو إليه، ولتكن البداية من المجالس والاجتماعات التي تتبين فيها معادن البشر وطبائعهم، فنجد من يجعل بسطاء الناس هدفا لعباراته التي يحمّلها قدرا كبيرا من السخرية المغلفة بالفكاهة؛ ليقال عنه رجل محنك، سريع البديهة، حاضر الذهن، وبالتالي يخرج من اللقاء وهو يشعر بنشوة النصر. ومثل هذا له أقران كثر في الدوائر العامة، والمؤسسات؛ إذ إن بعض الموظفين يضطهد من هو دونه، أملا في إثبات تميزه، وحصوله على رضا رئيسه، والحقيقة أن بعض الموظفين تمتد ممارسته للاضطهاد لتشمل المراجعين الذين يأتون طلبا لخدمة ما، خاصة حينما يكون المراجع من عامة الناس الذين لا يُخشى ردة فعلهم. وحتى في دور التعليم المدارس والجامعات يكثر فيها الطلاب الذين يستقوون على زملائهم؛ ليبدو بمظهر الأبطال، مستهدفين الأقل منهم مستوى من ناحية قلة الإخوة والأصدقاء، أو العشيرة، كما يستقصدون من تربوا على حسن الخلق، والبعد عن المشاكل. ولا ننسى طريقة تعامل بعض الرجال أو النساء داخل بيوتهم؛ إذ منهم من يريد أن يكون الزعيم الذي لا يرد رأيه، ولا يرفع الصوت عنده، وما يمليه يُتبع دون نقاش. ختاما، أسوأ فئات المتسلطين من يكون أسدا على أقرانه ومن هم تحت سلطته، ونعامة أمام من هم أعلى منه مستوى في أي مجال كان.