يحيط بنا عالم متطرف ما بين تجرد وانحلال إلى تشدد وتكفير، يحق لنا أن نتساءل: أين الأمن الفكري الذي من تبعات ضياعه انجراف الشباب إلى مهلكتين دنيوية بحتة أو أخروية تسعى لفناء البشر والكون.. لا وسطية ولا اعتدال ولا اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، ولا لآخرتك كأنك تموت غدا، ولا تطبيقا لقوله الله سبحانه وتعالى (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار). غياب كامل للمنهج الرباني لدى الفسطاطين، إما معي، وإما ضدي. أصبحنا نخشى على أبنائنا وبناتنا منهما، أصبح هنالك تشتت فكري، وضياع وفتن، ارتفع لدينا هاجس الخوف من أن يلتقط هذا أو ذاك أبناءنا ويهيمنون على فكرهم، كنا في فترة سابقة نرى الحق بين، والباطل بين، الآن لا وجود للأمن الفكري إلا ما ندر. أصبح البعض محللين سياسيين يتكلمون على لسان غيرهم، ويتخاصمون بل ويتقاتلون فكريا وهم قابعون خلف أجهزتهم، يرون أن الحق مع تلك الجهة، والخطأ من الجهة الأخرى، وكل ينادي بصحة رأية وفق أهوائه. انشغلوا بتكفير البعض، وتأييد أو لوم منظمات، وتأليب شعوب، وهمز ولمز، بل الأشد من ذلك انشغالهم بتقسيم أبناء وطنهم إلى مسميات دخيلة علينا كمسلمين، انشغلوا بذلك ونسوا أو تناسوا واجبهم في حماية فكر الوسطية الذي نادى به القرآن والسنة. كيف سنحمي وطننا وديننا ونقف ضد من يتربص بنا، ومجتمعنا يعيش أبناؤه وبناته صراعات فكرية تشككهم في كل شيء أو تصور لهم أننا مجتمع مليء بالسلبيات، ونغفل عن كل الإيجابيات، والمؤلم أن هؤلاء يظهرون بلباس النقاد والمصلحين. النقد المبطن بفكر الغرب لا نريده، النقد المغلف بلباس الدين وهو منه براء أيضا لا نريده، نريد ذلك الزمن الأول زمن المحافظين على صلواتهم وقيام ليلهم وصلة أرحامهم، والدعاء لولي الأمر بالتوفيق.