تزاحمت الحروف التي كتبت داخل السجن وخارجه مع هموم النشر والطباعة وتسويق الكتاب الأدبي، وذلك في نقاشات دارت مساء أول من أمس ضمن ثاني فعالية ثقافية رجالية لسلسلة "فوانيس نجران" التي ينظمها نادي نجران الأدبي خلال هذا الشهر الكريم . وكان النادي استضاف الكاتبين محمد طحنون وسعد آل سالم، لعرض تجربتهما في أول إصدار لكل منهما، حيث كان الإصداران يحملان مضامين قريبة من بعضهما، فالسجن وهمومه وذكرياته ودروسه هي المسيطرة على كتاب طحنون الذي جاء تحت عنوان" شمعة في أعماق السجون" وكذلك كتاب آل سالم " سبع عجاف". وقدم الفعالية رئيس النادي سعيد آل مرضمة الذي أكد أن هذه الاستضافة تأتي في إطار الاهتمام بأبناء منطقة نجران من المبدعين في كافة المجالات الثقافية. ودعا الجميع إلى تقديم ما لديهم من إنتاج مكتوب للنادي لطباعته في حال كان مناسبا. ثم أعطى الحديث لضيف الأمسية الأول الكاتب محمد طحنون الذي قال: تجربة السجن التي مررت بها في فترة سابقة من حياتي ، كانت الشرارة الأولى التي حفزتني على الكتابة، حيث كنت أقضي وقتي في استعادة بعض المواقف الاجتماعية والإنسانية وأحاول تدوينها على شكل قصص قصيرة، ثم اكتشفت بعد خروجي بفترة طويلة أن بعض هذه القصص بدأت تنشر على مواقع إلكترونية مختلفة بدون نسبتها لي، فقررت جمع كل ما لدي وإعادة كتابته وتصحيحه بشكل جديد، ليكون صالحا للنشر في كتاب، وهو الكتاب الذي ترونه الليلة. وأضاف: هذا الكتاب كان البداية، وقد كتبت بعده رواية جديدة وسلمتها لنادي نجران الأدبي لطباعتها ونشرها. ثم انتقل الحديث للكاتب سعد آل سالم الذي بدأ حديثه بالتأكيد على أن "القدر" دائما يجمعه بصديقه محمد طحنون دون سابق ترتيب ، وذلك أنهما انطلاقا في الكتابة سويا عبر مواقع الإنترنت ثم أصدرا كتابين في الموضوع نفسه وعن طريق دار النشر نفسها، "وهاهو الليلة معي هنا". وأضاف بدأت تجربتي في الكتابة من خلال المجال الصحفي حيث أسست مع آخرين صحيفة إلكترونية، ثم كتبت زاوية في صحيفة "شمس" وأخرى في "البلاد" ومقالات متفرقة في صحف أخرى. وبالنسبة لكتابي هذا "سبع عجاف" فقد كان عبارة عن سرد لا أسميه رواية ولا قصة طويلة، ولكنه يقف بين هذا وذاك، لكن المهم فيه أنه يلتقي في محور واحد وهو ما داخل أبواب السجن وما خلفه من قضايا وأفكار. وأتمنى أن يحصل على نقد موضوعي لتقييم هذه التجربة. وتحدث عن بعض طقوسه في الكتابة؛ حيث أكد أن مدينة جدة هي المكان المفضل له للكتابة وأنه لم ينجز صفحة واحدة خارجها. وكشف آل سالم عن تبرعه بقيمة النسخ التي اشتراها نادي نجران الأدبي منه لصالح أسرة شهيد الواجب الوطني فهد الدوسري الذي استشهد في مواجهة مع إرهابيين في محافظة "شرورة" قبل أسبوع. وعقب رئيس النادي سعيد آل مرضمة بالشكر للكاتب على هذه اللفتة الوطنية، مؤكدا أن النادي اشترى الكتاب بأعلى سعر تمنحه اللائحة تقديرا للشهيد وأسرته، ومشاركة في هذا الموقف الوطني النبيل. وقاد هذا التبرع نقاش الحاضرين إلى قضية الأمن الوطني وأهمية التحام الجميع صفا واحدا لمواجهة تلك الأفكار الظلامية. وفي نهاية الأمسية دار جدل واسع حول مدى "الاستغلال" الذي تمارسه بعض دور النشر على الأدباء والكتاب، وخصوصا الجدد منهم. واتفق الجميع على أن المؤسسات الثقافية كالأندية الأدبية المكان الأفضل للنشر حاليا للمواهب المبتدئة خصوصا تلك التي لا تملك المال.