يدخل المنتخب البرازيلي المضيف ونظيره الهولندي إلى ملعب "مانيه جارينشا الوطني" في برازيليا وهما يتمنيان لو يتخذ الاتحاد الدولي لكرة القدم قرارا استثنائيا بإلغاء مباراة المركز الثالث لمرة واحدة، وذلك لأن أيا منهما لا يرغب بخوض هذه المواجهة. دخل المنتخبان إلى النهائيات النسخة ال20 وكل منهما يمني النفس بإحراز اللقب العالمي، لكنهما تعرضا لخيبة أمل كبيرة بخروجهما من الدور نصف النهائي. ومن المؤكد أن أيا من المنتخبين لم يضع في حساباته قبل انطلاق العرس الكروي العالمي خوض ما يعرف بمباراة جائزة "الترضية"، فالبرازيل كانت تحلم بتعويض خيبة 1950 حين خسرت النهائي على أرضها أمام الأوروجواي، وهولندا إلى الصعود درجة إضافية على منصة التتويج بعد أن كانت قاب قوسين أو أدنى من إحراز اللقب العالمي الأول في تاريخها قبل أن يسقطها الإسبان في 2010 في جنوب أفريقيا. وبدت هولندا مستعدة أكثر من أي وقت مضى لكي تفك عقدتها مع النهائيات العالمية بقيادة مدرب محنك بشخص "لويس فان جال" وبتشكيلة متجانسة بين مخضرمين وشبان واعدين. في الدور ربع النهائي، قدم الهولنديون أداء هجوميا رائعا أمام كوستاريكا لكن الحظ والحارس "كيلور نافاس" وقفا بوجههم ما اضطرهم للجوء إلى ركلات "الحظ" الترجيحية التي أثبت فيها "فان جال" أنه مدرب استثنائي. فهولندا كانت الأفضل بمجالات أمام خصمتها كوستاريكا التي خاضت أروع رحلة في تاريخ المونديال، ونجحت في جر المنتخب البرتقالي إلى ركلات الترجيح. لكن المدربين الكبار يتركون بصمتهم بقرارات تاريخية، فبرغم الإرهاق الذي حل بلاعبيه بعد 120 دقيقة أمام الشجاعة الكوستاريكية في الذود عن مرمى الحارس العملاق "كيلور نافاس"، أبى مدرب مانشستر يونايتد أن يستخدم تبديلاته الثلاثة فانتظر حتى الدقيقة الأولى من الوقت بدل الضائع في الشوط الإضافي الثاني لإدخال "كرول" بدلا من "ياسبر سيليسن" لاعتقاده أن الشاب الأشقر أفضل بصد ركلات الحظ. وأصاب "فان جال" في مغامرته لأن "كرول" صد ركلتين ترجيحتين وقاد بلاده إلى نصف النهائي، لكن المدرب الهولندي لم يحتكم إلى الخيار ذاته أمام الأرجنتين ولم يتمكن من إدخال "كرول" بعدما استخدم تبديلاته الثلاثة فكانت النتيجة عجز الحارس "ياسبر سيليسن" عن صد الركلات الترجيحية الأربع التي نفذها "ليونيل ميسي" ورفاقه، لتجد هولندا نفسها مضطرة إلى خوض مباراة المركز الثالث عوضا عن النهائي. ويمكن القول إن "مصيبة" الهولنديين لا تعتبر نقطة في بحر "كارثة" البرازيليين. وكأن "الكارثة" التي تعرض لها البرازيليون الثلاثاء بخسارتهم التاريخية أمام الألمان (1/ 7) في الدور نصف النهائي لا تكفي، فهم مضطرون الآن إلى تجاوز هذه الصدمة المعنوية "المحطمة" من أجل خوض مباراة المركز الثالث. من المؤكد أن المدرب "سكولاري" ولاعبيه مضطرون إلى ملاقاة جمهورهم الغاضب اليوم في برازيليا من أجل هذه المباراة "الشرفية" التي سترفع من حدة النقمة الجماهيرية عليهم في حال عجزوا عن تحقيق الفوز. وكيف بإمكان لاعبي البرازيل التفكير بهذه المباراة وهم محطمون معنويا، وكيف سيكون بإمكان سكولاري الوقوف في أرضية الملعب بمواجهة جمهور كان يتطلع لتعويض ما فاته عام 1950، لكنهم وجدوا أنفسهم بعد المباراة ضد ألمانيا أمام "كارثة" وطنية حقيقية لما تعنيه كرة القدم لهذا الشعب الشغوف. والتقى المنتخبان في ثلاث مناسبات أخرى خلال النهائيات، الأولى تعود إلى عام 1974 حين فازت هولندا 2/صفر في الدور الثاني، والثانية عام 1994 حين فازت البرازيل 3/2 في ربع النهائي، والثالثة عام 1998 حين خرجت البرازيل فائزة في نصف النهائي بركلات الترجيح بعد تعادلهما 1/1 في الوقتين الأصلي والإضافي. وتواجه الطرفان في 7 مباريات ودية، فازت البرازيل باثنتين منها وهولندا بواحدة وتعادلا في أربع.