بينما تقدم مسلسلات السير الذاتية إلى النور لتوضيح الحقائق، وتبين المعلومات التي كانت غائبة عن الجمهور، إما لعدم الاهتمام بها أو لحجبها عن عمد، فشلت مسلسلات السير الذاتية التي تعرض في شهر رمضان الحالي في مهمتها، بل على العكس وبحسب قول النقاد، فإن تلك الأعمال زيفت التاريخ، وفي مقدمتها مسلسلا "سراي عابدين"، و"صديق العمر". مسلسل "سراي عابدين"، والذي أنتجته قناة "إم بي سي"، ظن البعض أنه سيروي تفاصيل حقبة مهمة من حياة وتاريخ مصر، وهي عهد الخديوِ إسماعيل، إلا أن المسلسل ركز فقط على علاقاته النسائية، وتجاهل الإنجازات الكبيرة التي شهدتها البلاد في عهده. من جهته، اعتبر الدكتور ماجد فرج المتخصص في تاريخ القاهرة الخديوية، مسلسل "سرايا عابدين" الأسوأ في شهر رمضان، حيث أن كاتبة المسلسل ركزت على حياة الخديوِ النسائية، وأغفلت فترته التي امتدت 17 عامًا، وشهدت نهضة حضارية عظيمة. وسرد فرج عددا من الأخطاء التاريخية في المسلسل وهي: "قتل الخديوِ إسماعيل لأخيه أحمد رفعت"، وأيضا "إنشاؤه لمجلس شورى النواب في عيد ميلاده الثلاثين"، مؤكدًا أن "سرايا عابدين" تم بناؤها بعد تولي الخديوِ الحكم بعدة سنوات. أما بطلة المسلسل الفنانة يسرا فقالت ل"الوطن": "تعاملوا مع المسلسل على أنه عمل درامي، وليس وثيقة تاريخية". من ناحية أخرى، تفجرت حالة من الجدل والصراع بين أسرتي الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، والمشير عبد الحكيم عامر، وصناع مسلسل "صديق العمر" بطولة الفنان جمال سليمان، فأسرة عبد الناصر توقعت أن ينحاز المسلسل بما فيه من أحداث لأبيهم، وهو الحال بالنسبة لأسرة عبد الحكيم عامر، الذين فوجئوا وبرغم بعض التفاصيل الإيجابية التي قدمت عن أبيهم، رفضوا العمل وهاجموا صناعه، إلا أنه في النهاية يبقى التاريخ مظلوما، ويتساءل الجمهور.. أين الحقيقة؟ باسم سمرة بطل مسلسل "صديق العمر" والذي جسد شخصية المشير عامر، أكد أنه كان هناك تعتيم على شخصية المشير لصالح الرئيس جمال عبدالناصر، الذي كان يحتل الصورة وحده، في معظم الأعمال السابقة، وهنا الاثنان معاً هما بطلا العمل، مع سرد قصتهما بالتفصيل ودون مجاملة، معتبرا خروج المسلسل بمثابة إلقاء حجر في المياه الراكدة في هذه المنطقة منذ سنوات طويلة. ولم تكن التجارب في هذا العام بالنسبة لمسلسلات السير الذاتية هي الأسوأ، وإنما امتدت لسنوات طويلة مضت، من خلال أعمال فجرت أزمات وابتعدت عن الحقائق، وكان الهدف من خروجها فقط هو إما تحقيق مصالح شخصية، أو اللعب بعواطف ومشاعر الجمهور. ومن الأعمال التي فجرت أزمات مسلسل "أسمهان" الذي أنتج قبل 4 سنوات بطولة الفنانة السورية سلاف فواخرجي، حيث اعترضت أسرة أم كلثوم على بعض تفاصيله، ومسلسل "الشحرورة" الذي تناول قصة حياة المطربة صباح، والذي أصاب بعض الفنانين بصدمة بسبب التلاعب في التاريخ والتفاصيل، ومسلسل "أبو ضحكة جنان" للفنان أشرف عبد الباقي، وجسد فيه قصة حياة إسماعيل ياسين، حيث فجر غضبا بين عائلة إسماعيل ياسين، وبعض أقربائه بدعوى تزييف الحقائق. وكان هناك مسلسل "أهل الهوى" الذي جسد فيه فاروق الفيشاوي قصة حياة الشاعر بيرم التونسي، واتهمته نقابة الفنانين بتزييف المعلومات والحقائق، وكذلك بعض المؤرخين والشعراء، وغيرها من الأعمال التي خرجت لتوثيق السيرة الذاتية، ولكن جانب بعضها الصواب.