كشف نائب رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار المشرف على مشروع الملك عبدالله للتراث الحضاري الدكتور علي الغبان عن الاستعانة بكثير من الخبرات المحلية والدولية في أعمال الترميم للمباني الأثرية في منطقة جدة التاريخية المدرجة أخيرا في قائمة اليونيسكو للتراث العالمي، ووصف الغبان مباني جدة التاريخية بالضخمة، ذاكرا أنها تحتاج خبرات ومهارات خاصة في التعامل معها خلال الترميم، موضحا أن المشروعات التي نفذت في الموقع أقنعت اليونسكو ولجنة التراث العالمي بمقدرة المملكة على التعامل مع موقع بهذا الحجم وهذا المستوى من التعقيدات الفنية والحضارية". وفيما يتعلق بأهمية التسجيل العالمي ضمن قائمة اليونسكو قال الغبان: إنه يصب أولا في الاعتراف بقيمة جدة التاريخية، وثانيًا في علاقتها بالحج الذي كان عاملا أساسيا مهما في عملية التسجيل، حيث تم تسجيل الموقع وفق ثلاثة معايير، الأول ارتباطها بالحج ومكةالمكرمة، والمعيار الثاني كونها منطقة تلاقت فيها شعوب من جهات عدة، وكونت ثقافة متجانسة وتراثا مشتركا، والمعيار الثالث يتعلق بالجانب العمراني، كون مباني جدة التاريخية ذات نمط معماري مميز في منطقة حوض البحر الأحمر. وأكد الغبان أن عملية التسجيل العالمية هي بداية فقط، كاشفا عن جهود كبيرة أخرى يجب أن تُبذل للإبقاء على هذا الموقع بالمستوى المطلوب، وإيفاء الالتزامات والاشتراطات التي قدمتها الدولة في ملف التسجيل العالمي بمتابعة حثيثة من مركز التراث العالمي وهيئة السياحة بالتعاون والشراكة مع أمانة محافظة جدة، وإمارة منطقة مكةالمكرمة، مشددا على أن منطقة جدة التاريخية قيمة استثنائية عالمية تظهر من خلال عدة عناصر تتمثل في مبانيها التي تُحدد هوية معمارية خاصة بحوض البحر الأحمر، علاوة على أن جدة هي المعبر الرئيس لملايين الحجيج عبر العصور إلى مكةالمكرمة منذ بداية التاريخ الإسلامي حتى الوقت الحاضر، فضلا عن أن النشاط الاقتصادي في الموقع مرتبط بالحج والحجاج ولا يزال مزدهرا وفي ازدياد. وعن حالة المباني الأثرية الموجودة في منطقة جدة التاريخية التي تم تسجيلها عالميا، قال الغبان "إنها بحالة جيدة والترميم سيكون لأكثر من 350 منزلا موجودا داخل منطقة التسجيل، وأكثر من 250 منزلا في منطقة الحماية المحيطة بمنطقة التسجيل بجدة التاريخية، ولفت الغبان إلى جهود الدولة والجمعيات المحلية بتفعيل التراث غير المادي لجدة التاريخية من خلال مهرجان جدة التاريخية والنشاطات الحرفية المتزايدة في الموقع، إلى جانب التجارة المرتبطة بالبخور والتوابل والأقمشة والحرير والهدايا التذكارية، التي ينقلها معهم الحجاج من جدة التاريخية لا تزال قائمة في الموقع، وكلها مكونات تشكل عناصر للأصالة، وهو بند مهم جدا يُبرر تسجيل الموقع في قائمة التراث العالمي. ونوه إلى أن المنطقة التاريخية في جدة تتميز بكثافة المباني التاريخية فيها، ومحافظتها على النسيج العمراني، وهناك أيضا تطبيقات صارمة من أمانة جدة لسياسات الحماية والمحافظة والترميم، وأي تدخل في هذه المباني يتم وفق الاشتراطات والمعايير الدولية للمحافظة على التراث العمراني، ولم يتعدل أو يتغير النسيج العمراني للموقع وهذا من ضمن عناصر التكامل. وأشار إلى أن هناك مراقبة دقيقة لارتفاعات المباني في المنطقة التاريخية، وتم الانتهاء من إعداد اشتراطات للبناء ومخطط عام يتم بموجبها التعامل مع الموقع، مبيناً أن كل هذه الشروط كانت مطلوبة ليتم تسجيلها والاعتراف بها من اليونيسكو ولجنة التراث العالمي، حيث تم القرار بإجماع الدول دون الحاجة إلى تصويت. وحول ما أثير عن رفض اليونيسكو لملف التاريخية، أوضح الغبان: أن المملكة قدمت ملف جدة التاريخية في عام 2011، وكانت عليه ملاحظات تتعلق بجاهزية الموقع والحاجة إلى مزيد من الجهد والعمل، لذلك تقرّر حينها سحب الملف والعمل بجدة خلال ثلاث سنوات من 2011 إلى 2014 وقدم الملف من جديد، وتكلل بحمد الله بالقبول. وأضاف أن المملكة قدمت معلومات إلحاقية قدمت لمركز التراث العالمي تشتمل على قائمة المشروعات الجاري تنفيذها في الموقع، وتوضح بأن الدولة المالكة شرعت في تنفيذ خطط التنمية الملتزم بها في الملف وقطعت شوطا كبيرا فيها، لذلك أيدت جميع الدول الأعضاء في لجنة التراث العالمي عملية التسجيل. على صعيد آخر وفي سياق متصل، تشهد المنطقة تواصل فعاليات "رمضاننا كدا"، وفرضت المنطقة التاريخية الأثرية نفسها على الجميع، ووفقا لإحصائيات سجلها مركز المعلومات السياحية الإحصائية "ماس" التابع للهيئة العامة للسياحة والآثار أمس بلغ عدد زوار الفعاليات 31،500 ألف زائر، يتابعون مشاهد الحياة القديمة ومنها الفلكلور، حيث اجتمع عند باب المدينة عدد من كبار السن برعوا في أداء لون الصهبة الحجازي، في حين لم تختف جولات المسحراتي أيضا وسط الحضور بطبلته مصحوبا بأهازيجه التراثية التي تفاعل معها الصغار قبل الكبار الذين استرجعوا تاريخا من حياتهم وسط زحام الأيام، وزحام المنطقة التاريخية هذه الأيام.