يشكل دفع زكاة الفطر، وحتى الصدقة، هاجساً مؤرقاً، لكثير من الأسر، في سبيل البحث عن الأسر المتعففة والمحتاجة فعلياً، فالبعض لم يعد يثق في بعض الجمعيات الخيرية التي تسجل نفسها كوكيل عن الفقير، وذلك بحجة أن الجمعيات لا تقوم بتحديث قوائمها التي تضم أسماء الأسر المحتاجة، مما يفوت عليها تسجيل ما طرأ على الأسرة من وفرة ورغد، وهذا بالتالي يجعل الزكاة تذهب إلى غير مستحقيها. فمع حلول شهر رمضان المبارك، يبدأ كثير من الأفراد والأسر الميسورة والغنية، والباحثة عن الخير والطاعات، في ترتيب أوراقها، وعاداتها، وعباداتها، بإخراج زكواتها، وصدقاتها، ليتم صرفها وبذلها في سبيل الله، للأسر المحتاجة والفقيرة. حينها، تظهر على المشهد المحلي والعائلي، وفي رسائل الجوال، ووسائل التواصل الاجتماعي، أحد أشهر العبارات المطروقة في شهر رمضان "تعرفون أحد محتاج؟" سعياً من أولئك الأفراد أو الأسر إلى "الاطمئنان" في وصول ما يبذلون من صدقات وزكاة لمحتاجيها، بعد أن تسببت "بيروقراطية" كثير من الجمعيات الخيرية، وبدائية تنظيمها، وهيكلتها، وطبيعة عملها، في تفشي فقدان الثقة بينها وبين الأسر الباذلة. يقول المواطن "عمر.ع" الذي يسكن في أحد الأحياء المحدودة الدخل غرب مدينة بريدة، إن زكاة الفطر تصلهم من إحدى الجمعيات الخيرية منذ سنوات، ليلة كل عيد فطر، رغم عدم استحقاقهم لها، ويضيف أنه عندما يقوم لأداء صلاة الفجر يفاجأ بأكياس الأرز أمام باب منزله، وعليها وسم إحدى الجمعيات المجاورة، وكأنهم أرادوا التخلص منها دون التثبت من حاجة الأسرة. وقال المواطن سلمان الزايد إن هناك مشقّة في البحث عن مستحقي الزكاة، ممن تنطبق عليهم شروطها، الأمر الذي يؤدي لتساؤل الناس فيما بينهم: "تعرفون أحد محتاج"؟، داعياً إلى تحديد معايير وضوابط حديثه، لمستوى الفقر في العصر الحديث، مؤكداً أن حاجة الفقير قبل أعوام ليس بالضرورة تكون هي حاجته هذا العام. وحول ضرورة المراجعة الدورية للقوائم المسجلة بالأسر المحتاجة، وأهمية التقصي، واعتبار متغيرات العصر والحضارة في تعريف الفقر واعتباريته، جاء تعليق أحد العاملين في إحدى الجمعيات الخيرية ببريدة - رفض ذكر اسمه -، معززاً التخوف الذي بات هاجساً عند كثير من الأفراد والأسر الباذلة، حين ذكر في حديث ل"الوطن" أنهم فوجئوا عند رؤيتهم لطوابير الانتظار في أحد مواعيد الصرف للجمعية، بشبان كانوا مسجلين وذويهم ضمن قوائم الأسر الفقيرة يلبسون أحدث الملابس، ويستخدمون الأجهزة الإلكترونية الحديثة والنفيسة، كالآيباد والآيفون والبلاك بيري؛ مما دعاهم لتحديث قوائمهم بشكل دوري وإخراج الميسورين منها، مضيفاً أن دفع الزكاة والصدقات لمستحقيها بالفعل، هو السبيل الأمثل لتحقيق مجتمع متكافل، يسهم في رفع المستوى المعيشي للفئات المستهدفة.