كشف "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" خلال اليوم الأول من مؤتمر "العرب والولاياتالمتحدة الأميركية: المصالح والمخاوف والاهتمامات في بيئة متغيرة" الذي عقده المركز في الدوحة (14-16 مايو 2014)، عن بعض نتائج المؤشر العربي لعام 2014. وقد قال مدير برنامج الرأي العام العربي في المركز، الدكتور محمد المصري: "إنها تشير إلى أن أغلبية الرأي العام العربي تحمل موقفاً سلبيّاً تجاه الولاياتالمتحدة؛ إذ أفاد نصف الرأي العام العربي أنهم يحملون وجهة نظر سلبية، أو سلبية إلى حد ما تجاه الولاياتالمتحدة، مقابل 26% أفادوا أن نظرتهم إيجابية، أو إيجابية إلى حد ما، مشيراً إلى أن سبب النظرة السلبية - بحسب الرأي العام - هو السياسة الخارجية الأميركية". وأكد مدير عام المركز الدكتور عزمي بشارة في كلمة افتتاحية للمؤتمر، على أن طرح علاقات العرب وأميركا للبحث يجب أن ينطلق من مسعى تحديد العرب لهويتهم ومصالحهم وأمنهم القومي أولاً، قبل الشروع في محاورة الآخر، وشدد على أن العرب يجب أن يصنعوا الحل لمشاكلهم بأنفسهم ولا ينتظروا حلاً خارجياً من أميركا أو غيرها. وخلص عزمي بشارة إلى أن هناك لبساً كبيراً وفوضى في تحديدنا لهويتنا - بوصفنا عرباً - ومصالحنا وأمننا القومي، وإلى أنه يجب أن نبدأ بالنظر في هذا الأمر قبل الحديث عن حوار مع الآخر. وقال: "إن الولاياتالمتحدة عُدّت في موقع العدو عبر التطورات المفصلية الثلاثة التي مرّ بها العالم العربي بداية بنشأة الحركات القومية، ثم الحركة الوطنية الفلسطينية، وصولاً إلى ظهور حركات الإسلام السياسي". وأضاف أن هذا الجانب هو المتعلق بالولاياتالمتحدة في علاقاتها بالعرب؛ إذ عليها أن تجيب عن سؤال هو: لماذا وُضعت الولاياتالمتحدة في موقع العدو؟ ولماذا لم تتصرف تجاه ذلك بعقلانية، بل تصرفت دوماً من منطلق المصالح الإسرائيلية؟ وعليها كذلك أن تطرح على نفسها هذا السؤال وأن تجيب عنه، سواء كان ذلك وحدها أو في إطار حوار مع العرب. وفي ختام كلمته أكد بشارة أن التحولات التي أحدثتها الثورات العربية وما تبعها، أوجدت الآن قاعدةً لنقاش هادئ رزين مع الولاياتالمتحدة - وعنها في آن واحد - يكون فيه للباحثين والأكاديميين مجال أوسع من السياسيين للإسهام في فهمٍ أفضل لعلاقات العرب بالولاياتالمتحدة، ولما يمكن أن تكون عليه. قدّم الدكتور محمد المصري عرضاً عن نتائج "المؤشر العربي 2014"، وخصوصاً ما تعلق منه بالمحور الذي تناول اتجاهات الرأي العام في المنطقة العربية نحو الولاياتالمتحدة الأميركية. وقال: "إن النتائج بينت أن أغلبية الرأي العام العربي تحمل موقفاً سلبياً تجاه الولاياتالمتحدة؛ إذ أفاد نصف الرأي العام العربي أنهم يحملون وجهة نظر سلبية، أو سلبية إلى حد ما، تجاه الولاياتالمتحدة. مقابل 26% أفادوا أن نظرتهم إيجابية، أو إيجابية إلى حد ما. في حين أن ربع المستجيبين قالوا: إنه ليس لديهم نظرة إيجابية أو سلبية، أو رفضوا الإجابة". وتتركز الاتجاهات الإيجابية تجاه الولاياتالمتحدة في السعودية، والكويت، ولبنان، وتونس. في حين كانت أكثر البلدان التي عبر المستجيبون فيها عن آراء سلبية هي فلسطين، ومصر، والعراق، واليمن، والأردن. وأوضح الدكتور محمد المصري، أن معظم إجابات المواطنين تعكس أن نظرتهم السلبية تجاه الولاياتالمتحدة هي نتيجة لعدم قبول سياستها الخارجية في المنطقة، وأن القضية الفلسطينية ومساندة الولاياتالمتحدة لإسرائيل تُعدّان الركن الأساسي لهذه النظرة السلبية. وأفادت نسبة ضئيلة من المستجيبين أن نظرتهم السلبية هي نتيجة لاختلافات ثقافية أو دينية بين العرب والأميركيين، أو نتيجة لصراع ثقافي أو حضاري، وهم يمثلون نسبةً محدودةً جدًا؛ إذ إن 2% من مجمل المستجيبين قالوا: "إن الولاياتالمتحدة تحارب الإسلام والمسلمين". وقد ركز أقل من 1% على اختلافات ثقافية وقيمية. وأظهرت النتائج أن الرأي العام العربي بمجمله غير مقتنع بأن الولاياتالمتحدة تدعم التحول الديمقراطي في البلدان العربية، أو أنها تحمي حقوق الإنسان، أو أن المسلمين في الولاياتالمتحدة يحظون بجميع الحقوق التي يحظى بها الأميركيون. وعلى الرغم من ذلك، فإن نسبة الذين يوافقون على أن الولاياتالمتحدة تقوم بهذه القضايا تزيد على ثلث المستجيبين، وهي نسبة جديرة بالملاحظة. أمّا أغلبية الرأي العام في المنطقة العربية، فهي غير مقتنعة بأن الولاياتالمتحدة تساهم في تعزيز أمن المنطقة العربية واستقرارها. ويرى ثلثا المواطنين في المنطقة العربية أن الولاياتالمتحدة تهدف إلى فرض أجندتها على الدول الأخرى من خلال المساعدات التي تقدمها إليها. وأوضح الدكتور المصري أن تقييم السياسة الخارجية للولايات المتحدة في المنطقة هو تقييم سلبي بمجمله؛ إذ أفاد ما نسبتهم 13% من المستجيبين أن تلك السياسة إيجابية، في حين كانت نسبة الذين أفادوا أنها إيجابية إلى حدٍ ما 24%، أما الذين وصفوها بالسلبية فكانت نسبتهم 49%. وقد أظهرت النتائج أن الرأي العام العربي بمجمله غير مقتنع بأن الولاياتالمتحدة تدعم التحول الديموقراطي في البلدان العربية، أو أنها تحمي حقوق الإنسان، أو أن المسلمين في الولاياتالمتحدة يتمتعون بجميع الحقوق التي يتمتع بها الأميركيون. ومع ذلك، فإن نسبة الذين يوافقون على أن الولاياتالمتحدة تقوم بهذه القضايا تزيد على ثلث المستجيبين، وهي نسبة جديرة بالملاحظة. وأغلبية الرأي العام في المنطقة العربية غير مقتنعة بأن الولاياتالمتحدة تساهم في تعزيز أمن المنطقة العربية واستقرارها. ويرى ثلثا المواطنين في المنطقة العربية أن الولاياتالمتحدة تهدف إلى فرض أجندتها على الدول الأخرى من خلال المساعدات التي تقدمها لتلك الدول. في المقابل أظهرت نتائج المؤشر العربي أن أكثرية المواطنين العرب لديهم نظرة "إيجابية" (43%) أو "لا إيجابية ولا سلبية" (25%) تجاه الشعب الأميركي بغض النظر عن السياسة الخارجية الأميركية. ويذكر أن المؤشر العربي هو استطلاع سنوي يُنفذه المركز العربي للأبحاث في البلدان العربيّة التي يتاح فيها تنفيذ الاستطلاع؛ وذلك بهدف الوقوف على اتجاهات الرأي العام العربي نحو مجموعة من المواضيع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وقد شمل استطلاع المؤشر العربي لعام 2014، خلال الفترة يناير- مايو 2014، عينة حجمها 26372 مستجيباً موزعين على 14 بلداً من بلدان المنطقة العربية.