طالب باحث أكاديمي بضرورة الاهتمام بدراسة عنصر المكان في الأعمال الروائية السعودية. وتوجيه دارسي الأدب من طلبة الدراسات العليا إلى الرواية السعودية والتنقيب فيها عن كثير من القضايا والموضوعات الجديرة بالبحث والدرس، مع دعوة الجامعات إلى طباعة ونشر الدراسات والبحوث المميزة في مجال الأدب الروائي في المملكة العربية السعودية. وجاءت هذه المطالبات كأهم التوصيات التي خرج بها الدكتور ياسر مرزوق من بحثه ودراسته لروايات الروائي يوسف المحيميد، في أطروحة علمية نال على إثرها درجة الدكتوراه في الأدب العربي، وحملت عنوان "التشكيل المكاني في روايات يوسف المحيميد- دراسة تحليلية"، ونوقشت بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة آخر مايو 2014، وحصل الباحث فيها على تقدير "ممتاز"، مع التوصية بطباعة الرسالة. وقال مرزوق ل"الوطن": تبرز مشكلة هذه الدراسة في بحث واستكشاف التشكيل المكاني في أعمال يوسف المحيميد، الروائية، ومظاهر هذا التشكيل، وأبعاده، ودلالاته، وذلك من خلال مجموعة من أعماله، فالمكان هو المرتكز الذي ينهض عليه بناء العمل السردي الشامل، وبه يضمن تماسكه الفني. وهدفت الدراسة إلى تتبع التشكيل المكاني، وكثافة حضوره في أعمال المحيميد الروائية، محاولة رصد أبعاده الرمزية، وتفسير علاقاته المتداخلة، وبيان أثر الأمكنة في المواقف والأفكار، والكشف عن الطرق الفنية التي قدم من خلالها المكان داخل نصوصه الروائية، استشرافاً لوسائل وصفه وتوظيفه، واستنطاقاً لبعض دلالاته. مرزوق عضو الجمعية العمومية بنادي جدة الأدبي، الذي سبق له أن أعد بحثا توثيقيا عن النادي بمناسبة مرور 40 عاما على تأسيسه، رأى أن أهمية الدراسة تأتي من كونها محاولة لتبيان ما يحمله الخطاب السردي عموماً، والروائي خصوصاً من إبداع وتقنيات فنية، وما لعنصر المكان في العمل الروائي من أهمية بالغة كأحد أهم عناصر العمل السردي، وتأثيره في باقي عناصر العمل الروائي الأخرى، إذ هو العمود الفقري الذي يربط أجزاء العمل السردي –الروائي تحديداً- بعضها ببعض. وعن المنهج الذي اتبعه في دراسته قال مرزوق: كي تتحول هذه الدراسة من مرحلة الفكرة المجردة إلى دراسة تتلمس طريق البحث الأكاديمي، كان لا بد لها من المنهج؛ فكان المنهج الوصفي التحليلي الذي يمكن من خلاله إبراز التشكيل المكاني في الأعمال الروائية، وتحديد خصائصه، ووصف طبيعته، وعلاقاته المتداخلة، مع الاستفادة من بعض المناهج والنظريات في مجال الدراسات المكانية، كالمنهج الاجتماعي، والمنهج النفسي، والمنهج السيميائي. وتلتئم الدراسة من خلال تمهيد وأربعة فصول وخاتمة، حيث تناولت في التمهيد مفهوم المكان في اللغة وفي اصطلاح علم السرد، وفي عدد من العلوم الأخرى، ومعنى مصطلح التشكيل، ثم المكان وأثره في تشكيل عناصر البناء الروائي. وجاء الفصل الأول تحت عنوان (مظاهر تشكيل المكان في روايات المحيميد)، اندرج تحته مبحثان: الأول بعنوان: (المظهر البسيط)، والثاني بعنوان: (المظهر التخييلي). ثم الفصل الثاني بعنوان: (التشكيل اللغوي للمكان في روايات المحيميد)، وبثلاثة مباحث هي: (خطاب العنونة)، و(المكان في حوار اللهجة الدارجة)، و(المكان وانعكاسه على تسمية الشخصيات والأشياء). ثم الفصل الثالث بعنوان: (تشكيل المكان من منظور نفسي في روايات المحيميد) بثلاثة مباحث هي: (المكان المفتوح)، و(المكان المغلق)، و(المكان المهمش). ثم الفصل الرابع تحت عنوان: (دلالات تشكيل المكان في روايات المحيميد)، وتحته مبحثان: الأول: (الدلالات الدينية)، والثاني: (الدلالات التاريخية والأسطورية). ثم خاتمة تضمنت أهم النتائج والتوصيات التي توصلت إليها الدراسة. وكان من أهمها: ظهور المكان بشكل كثيف في روايات المحيميد، بخاصة في رواياته الأخيرة. ظهور أثر المكان في العديد من المواقف والأفكار. قدّم الروائي المحيميد المكان داخل نصوصه الروائية بطريقة فنية من خلال المظهر البسيط للمكان، والمظهر التخييلي، واللغة الواصفة، كما أظهرت الدراسة أن المحيميد ليس من الروائيين المغرقين في استخدام اللهجات الدارجة، إلا بالقدر الضروري. وأبرز دلالات المكان في رواياته انحصرت في الدلالة الدينية، والدلالة التاريخية، والدلالة الأسطورية. ووظف المحيميد الأسطورة مخفياً خلفها معالم واقعية يصبح الجهر بها في المكان الأسطوري أكثر جرأة وصراحة منها في الواقع.