على الرغم من مرور 10 سنوات على تقديم الغرفة التجارية الصناعية في الرياض لدراسة متكاملة لإنشاء معهد يتولى مهمة تخريج صانعي ذهب سعوديين "صاغة"، لتلبية الهدف المأمول الرامي لسعودة القطاع، إلا أن نتائج تلك الدراسة لم ترَ النور، رغم عرضها على وزيري عمل سابقين. إعادة الحديث عن "المعهد الحلم"، حفزه النتائج التي خلصت إليها دراسة صادرة عن بنك المعلومات الاقتصادية بغرفة الرياض، وتشير فيه إلى أن أهم المصاعب التي تواجه قطاع الذهب، يتمثل بعدم وجود كوادر وخبرات محلية وندرة القوى العاملة المحلية المتخصصة في هذا المجال، وهو ما دفعها للتوصية بتخفيض نسب سعودة القطاع ومحاربة التستر. تأجيل الحسم رئيس اللجنة الوطنية للمعادن الثمينة والأحجار الكريمة في مجلس الغرف السعودية كريم العنزي أكد ل"الوطن"، أنه تم تقديم مشروع معهد متكامل بمعدات وبمنهج خاص قبل 10 سنوات من قبل غرفة الرياض لكنه لم يرَ النور، مضيفا بالقول "لقد تم عرض المشروع على وزيري عمل ولكنه لم يُفعَّل، ولم يتم تخريج أي طالب للأسف، والمعدات التي قدمها تجار الذهب الآن تالفة بالإضافة إلى أن المنهج تم تهميشه كذلك، وقد خاطبنا وزير العمل الراحل غازي القصيبي، بالإضافة إلى المهندس عادل فقيه لكن لم يتم البت حيال الموضوع". وأشار العنزي إلى أن آخر سعودي صانع ذهب وصائغ أعتزل العمل قبل 10 سنوات في محافظة الأحساء، بالإضافة إلى أن العمالة الوافدة ذات الجدوى لا يتم إعطاء المصانع تأشيرات كافية لجلبهم، حيث أن حاملي الجنسيات الفلبينية والسيرلانكية والهندية، هم ذوو الجدوى والنفع. تقليص السعودة وطالب اللجنة الوطنية للمعادن الثمينة والأحجار الكريمة في مجلس الغرف السعودية، بضرورة تخفيض نسبة السعودة في المصانع والتي تقدر ما بين 10 إلى 15% بحسب عدد العمالة، لافتا إلى أن انعدام الكوادر السعودية يحتم على مصانع الذهب المطالبة بخفض النسبة، ما دامت الجهات التدريبية لم تفعل أي قسم متخصص بهذا القطاع، ولم يتم تفعيل المعهد المقترح قبل 10 أعوام. وتوقعت الدراسة الاقتصادية أن يؤدي ارتفاع مستوى المعيشة وحجم النشاط الاقتصادي في مدينة الرياض، إلى زيادة الطلب على شراء الذهب خلال الفترة القادمة، وقالت إن عدد المنشآت العاملة في القطاع بالرياض وفق إحصاءات وزارة التجارة وصل إلى نحو 415 منشأة، وأن عدد التراخيص الصادرة لمحلات ورش الذهب بالمملكة بلغ 846 ترخيصا منها 180 ترخيصا بالرياض تمثل ما نسبته 21% من جملة التراخيص الممنوحة. وبالعودة إلى العنزي فاستبعد أن يكون عدد تراخيص ورش الذهب المقدرة ب846 ترخيصا، مفعلة بمجملها، مؤكدا أن هذا الرقم بالنسبة للتصاريح فهو صحيح وقد يكون أكثر من ذلك، مستدركا بالقول: "هذه التصاريح غير مفعلة ولا اعتقد أن لدينا هذا العدد من الورش والمصانع لكن بعضهم استخرجوا تراخيص وهي غير مفعلة، ولا يوجد في المملكة بأكملها عدا 500 ورشة مفعلة". نمو متصاعد وبالرجوع إلى الدراسة فقد أشارت إلى أن النمو المتوقع في صناعة وبيع الذهب والمجوهرات في المملكة يواجه عددا من المصاعب تتمثل في الرسوم الجمركية على واردات المملكة من المشغولات الذهبية والتي تصل إلى 5% إضافة إلى عدم وجود كوادر وخبرات محلية حيث تواجه مصانع الذهب قلة في عدد القوي العاملة الأجنبية المتخصصة، حيث أوصت الدراسة في هذا الجانب بالنظر في تخفيض نسبة السعودة في المعارض والمحلات من 100 إلى 50%. تذبذب التراخيص وبينت الدراسة التي أعدتها غرفة الرياض ممثلة في بنك المعلومات الاقتصادية أن الاتجاه العام لأعداد تراخيص منشآت الذهب في الرياض تذبذب بين الارتفاع والانخفاض خلال الفترة 1426/1431، إلا أنه سجل ارتفاعا خلال الأعوام الأخيرة، معتبرة أن هذا يعد مؤشرا على النمو المتسارع في القطاع الذي سجلت مبيعات منشآته من الذهب الأصفر حوالي 79%، والألماس 62%، بينما سجلت الفضة ما نسبته 46%، بالإضافة إلى الأحجار الكريمة والمجوهرات بنحو 24%. وأظهرت نتائج الدراسة التي شملت قرابة ال300 عينة من المصانع والمحلات، أن 90% منها عبارة عن مؤسسات فردية وأن عدد القوى العاملة في القطاع يصل إلى 3243 عاملا، منهم 1406 سعوديين بنسبة 43% من إجمالي القوى العاملة. نقص الخبرة وأوضحت الدراسة أن نقص الخبرة والتدريب وعدم الالتزام بالدوام وارتفاع الراتب وانخفاض المؤهل العلمي تعد عوامل مؤثرة على عدم تعين السعوديين في القطاع، كما اعتبرت أن عدم توفر العمالة الوطنية المدربة والتستر والغش التجاري وصعوبة الحصول على المتخصصين وكثرة الإجراءات الحكومية وصعوبة الاستقدام من المشاكل الأساسية التي تواجه منشآت القطاع. ودعما لحركة نمو القطاع فقد دعت الدراسة إلى إنشاء مدن ومناطق صناعية متخصصة في مجال تصنيع المشغولات الذهبية والمجوهرات مع إعادة النظر في الرسوم الجمركية على المشغولات المستوردة من خلال تخفيض الرسوم الجمركية على الذهب المصنع من 5 إلى1% والاكتفاء بدمغة المصنع المورد بدلا من الدمغات المختلفة مع تخفيف قيود الاستيراد، والعمل على إيجاد جهة مختصة للرقابة على الجودة في صناعة الذهب، ووضع معايير لتصنيف الشركات العاملة في السوق المحلية، كما دعت إلى وجود خبير محلي أو أجنبي في كل محل أو معرض على أن تقوم وزارة العمل بتحديد مؤهلاته وسنوات خبرته، كما دعت لتوفير معاهد لتدريب الكوادر الوطنية الرجالية والنسائية في مجال صناعة وبيع الذهب مع العمل على تشجيع الاستثمار في القطاع من خلال منح التسهيلات للمستثمرين والتوسع في إقامة المعارض والمهرجانات المتخصصة والسماح ببيع المجوهرات والذهب فيها واعتماد المشغولات الذهبية عيارK12-k9 لما له من أثر في إنعاش أسواق الذهب والعمل على إعادة تقييم نظام المعادن الثمينة والأحجار الكريمة في المملكة. مواجهة التستر كما أوصت الدراسة بالقضاء على التستر من قبل المؤسسات العاملة في القطاع ومحاربة تقليد الذهب المغشوش والرقابة على العيارات الغير دقيقة من خلال التوسع في إنشاء مختبرات خاصة لفحص الذهب والمجوهرات، كما اقترحت الدراسة إيجاد عقد عمل موحد لجميع العاملين في محلات الذهب في كافة مناطق المملكة يتضمن كافة الحقوق والواجبات والشروط الجزائية على الموظف في حال إخلاله بالأمانة، كما نادت بإدخال العنصر النسائي في عمليات بيع الذهب من خلال إنشاء معهد نسائي يعمل على تقديم برامج تأهيلية وتطويرية للعنصر النسائي في المعارف المخلفة لعلوم الذهب والمجوهرات، بالإضافة إلى زيادة دعم الدولة لصندوق تنمية الموارد البشرية لتشجيع الشباب للعمل في القطاع من خلال تحمل الدولة برامج تأهيلهم وتدريبهم وفق برامج متخصصة. يذكر أن المملكة تحتل المرتبة ال15 في الترتيب العالمي للدول من احتياطاتها من الذهب بنحو 323 طنا، كما أنها تأتي في المرتبة الأولي على مستوى الدول العربية التي يصل حجم احتياطيها من الذهب إلى 1174 طنا، ما يعادل 3.8% من احتياطات العالم من الذهب.