44 عاماً مرت منذ منحت البرازيل البهجة لعشاق كرة القدم في مونديال المكسيك عام 1970، ولم تمح كل هذه السنوات الطويلة ذكريات سحر منتخب تصدر كل الاستفتاءات كأفضل فريق لعب الكرة على مدار التاريخ.. الآن وأنظار العالم تتجه نحو "بلاد السامبا" طارت مجلة "فورفورتو" البريطانية الشهيرة إلى هناك والتقت بأحد رموز ذلك المنتخب الذهبي وصاحب القدم اليسرى الأسطورية "روبرتو ريفيلينو"، وعادت بحوار ماتع جمع بين ماضي وحاضر "الكرة الجميلة". ربما تفوز إسبانيا هذه المرة بلقبها الثاني على التوالي، هل تعتقد بأنه من الممكن اعتبار هذا المنتخب يماثل، أو ربما يتفوق، في قيمته الفنية على برازيل 70 الذي كنت أحد أفراده؟ - على الإطلاق! بالنسبة للإسبان وليكونوا الأفضل في التاريخ عليهم أن يكونوا أبطالاً دون هزيمة، وهذا لم يفعلوه.. عليهم أن يكونوا "ماكينة" أهداف، إنهم الفريق الذي حقق اللقب بأقل عدد من الأهداف في تاريخ المونديال.. في 1970 لم نكتف فقط بتسجيل الأهداف الأكثر بل سجلناها بأسلوب مذهل، حتى تلك التي الأهداف التي أضاعها "بيليه" ما زال الناس يتذكرونها حتى الآن.. دعني أسألك، هل تتذكر أي هدف رائع أحرزه الإسبان في 2010؟.. أفراده يمررون الكرة بإتقان، ولديهم "أنييستا" و"تشافي" وهما عبقريان، ولكن الأمر يتطلب أكثر من هذا الثنائي لتصبح المنتخب الأفضل تاريخياً.. أيضاً لا يمكن الاعتداد ببطولة أوروبا لحسم الجدل، فالبرازيلوالأرجنتين والأوروجواي لا يلعبون في أوروبا، وهم معاً يحملون 9 ألقاب لكأس العالم وهذه ليست تفاصيل صغيرة.. برازيل 70 كان منتخب عظيم للغاية ضم اللاعب الأفضل في التاريخ، وهذا الأخير كان عليه أن يكون في قمة حضوره حتى لا يتفوق عليه لاعبون موهوبون معه في الفريق. بالرغم من وجود هؤلاء اللاعبين الكبار، هل صحيح أنكم لم تتوقعوا حينها الفوز بكأس العالم؟ - كنا نستطيع التمرير والتسجيل ولكنني كنت أتساءل إذا ما كنا نهتم بالجانب الدفاعي "قالها وهو يضحك".. كنت آمل الفوز ولكنني بصراحة لم أتوقع أن نؤدي بتلك الروعة، خاصة وأننا واجهنا مصاعب في التصفيات، وبعد القرعة توقع الناس أننا سنلاقي متاعب جمة في مجموعتنا، فإنجلترا حاملة اللقب، ورومانيا وتشيكوسلوفاكيا فازا بمجموعتيهما في أوروبا، ولذا لم يكن هناك سبب للتفاؤل.. ولهذا كان لانتصارنا باللقب مذاق أجمل. إلى أي مدى كانت الضغوط عليكم حينها؟ - كنت لاعبا جديدا ولكن معظم أفراد المنتخب يمتلكون الخبرة، وكان الضغط بالنسبة لنا أن نساعد "بيليه" للفوز بكأسه الأخيرة.. أعتقد أن المنتخب الحالي سيكون تحت ضغوط أكبر مما كنا عليه، تخيل أن "نيمار" لم يتجاوز ال22 عاما وليس لديه أحد ليسانده، هذه مشكلة.. اللعب تحت الضغوط مهم، أنظر ماذا حدث في مونديال 1982، كانت البرازيل المرشح الأول ولكنها خسرت، ولو أن الفريق أمعن النظر في نقاط ضعفه ووضع تحت الشك لكان من الممكن أن تكون الحصيلة مختلفة، وفي حالتنا تلك الشكوك ساعدتنا على الانتصار، وأتمنى أن يحدث ذلك معنا هذه المرة. لعبت مع "بيليه" وكنت المثل الأعلى ل"مارادونا"، أيهما الأفضل؟ - عليك أن تفهم ماذا يعني "بيليه" بالنسبة لي، إنه اللاعب الذي جعلني أشاهد كرة القدم عندما كنت صغيرا، الملاعب في كل البرازيل كانت تمتلئ بسببه والجميع كان يأتي لمشاهدة "الملك".. "بيليه" كان مذهلاً في أي موقع على أرض الملعب.. يراوغ ويسدد ويمرر بإتقان بكلا القدمين.. "مارادونا" كان ساحراً وأعتقد أنه استحق أن يقارن ب"بيليه"، الأرجنتين في مونديال 1986 لم يكن المنتخب الأفضل ولكنه جعل زملاءه أفضل، وفي مونديال 1990 حمل بمفرده منتخبا متواضعا إلى النهائي، ومن يدري ماذا كان سيحدث في مونديال 1994 لولا حادثة المنشطات الغريبة!.. قدمه اليسرى من خارج هذا العالم وأكثر دقة من "بيليه" لكن.. لا أحد يماثل "بيليه". في مونديال 1974، لماذا أخفقتم في الدفاع عن لقبكم؟ - كل الأمور كانت تسير في صالحنا للظفر بالكأس وكنا المرشحين مع ألمانيا الغربية وهولندا، ولكن قبل خوض المونديال بأسابيع استبدلنا ثلاثة لاعبين في الهجوم بسبب الإصابات بجانب مصاعب أخرى، وبعد فوزنا على الأرجنتين استعدنا بعض الأمل ولكن الهولنديين حطمونا.. لم أشاهد "كرويف" عن قرب قبلها وكانت الخسارة مزعجة ولكن رؤيته وهو يلعب أمر مذهل. هل هناك منتخب مثل هولندا، يلعب كرة قدم ممتعة ويذهب بعيداً هذه المرة في 2014؟ - أحب ألمانيا كثيراً، وأعتقد أنهم يستطيعون التحسن بالاستفادة من دروس بايرن ميونيخ، أيضاً بطلة العالم إسبانيا والبرازيل التي ستلعب على أرضها والأرجنتين يمكنهم الفوز، والأخيرة تملك الفرصة الأفضل للفوز منذ 1990.. بلجيكا كذلك منتخب جيد وربما تكون المفاجأة السارة.. ولكن لو أن الأمر يتعلق فقط بأسباب كروية سيكون رائعاً رؤية الألمان ينتصرون، أحب مشاهدة "شفاينستايجر" و"أوزيل" و"مولر"، إنهم يفعلون ما يفترض أن يفعله البرازيليون، بينما البرازيليون يفعلون ما توقف الألمان عن فعله! ماذا تعني؟ - عندما فاز الألمان بلقب 1990 كان الأمر يتعلق بالقوة، أن تكون طويلا وصلبا وتتحمل إرهاق 90 دقيقة، والبرازيل تبنت هذا النهج وفازت في 1994، بعدها رأى الألمان في 2002 أن البرازيل وآخرين يفعلون الشيء نفسه، لذا عادوا إلى النهج المرتكز على المهارة بعد خسارتهم على أرضهم مونديال 2006، والآن أنظر ماذا لديهم!.. البرازيل الآن منتخب تنافسي لا شك في ذلك، ونجح "سكولاري" في استعادة الكبرياء بعد الفوز بكأس القارات، ولكن لو استبعدنا "نيمار"، أي لاعب برازيلي يذهلك أكثر؟ الإجابة صعبة، وهذا أيضاً يفسر لما ملاعبنا ليست ممتلئة بالمتفرجين على مستوى الأندية.. الجماهير ترغب في مشاهدة الأهداف والمراوغات والتمريرات وليس إيقاف الخصوم.. باستثناء "نيمار"، البرازيل لا تقدم الروح الحقيقية لكرتنا، وآمل أن يتغير هذا قريبا رغم أنني لا أرى إمكانية ذلك، ما أراه أن ألمانيا تلعب كرة قدم برازيلية وعلينا أن نستيقظ ونظهر أننا من اخترع "اللعبة الجميلة". هل ستكون 2014 بطولة "ميسي" أم "نيمار"؟ - ينبغي أن تكون ل"ميسي" لأنه نضج ولديه منتخب جيد بُني حوله ولكن "نيمار" إبداعي أكثر وربما يجعل هذه بطولته.. منذ 2010 أصبح "ميسي" منهي هجمة قاتل في برشلونة وتعلمت الأرجنتين أنه يحتاج لفريق يتلاءم معه وهذا منحه حرية ليظهر نفسه، ولو فازت الأرجنتين سيكون "ميسي" في القمة بجانب "بيليه" و"مارادونا" لا شك في ذلك. أنت في ال68 من عمرك، ماذا تفعل اليوم، وماذا تخطط لكأس العالم؟ - بجانب عملي كمحلل كروي تلفزيوني أدير مركز رياضي وأعتني ببعض الفرق الشابة، لدينا أطفال يلعبون الكرة في الولاياتالمتحدة وفي أنحاء البرازيل طوال الوقت، وشخصياً أمارس الكرة بشرط أن لا يكون أحد حولي يشاهدني! لو توفرت، هل تعتقد بأنك ستكون أفضل مما كنت عليه؟ - كانت الكرة تزن طنا عندما كنا نلعب، وكان علينا أن نضاعف تدريباتنا لنسددها بشكل صحيح، الآن بمجرد أن تلمس الكرة تطير نحو الشباك وكأنها صاروخ.. لا أستطيع القول بأننا كنا سنكون أفضل من لاعبي اليوم، بيد أننا سنتسبب في متاعب أكثر للمدافعين مما كنا نفعله!