في إطار استراتيجية جديدة لمكافحة المنشطات، تلوح كرة القدم بجواز السفر البيولوجي كأداة رادعة على هذا الصعيد في مونديال البرازيل، حيث سيخضع جميع اللاعبين لاختبارات في غاية الدقة. وإلى جانب قضية النجم الأرجنتيني دييجو مارادونا عام 1994، لم يخل المونديال من حالات تعاطي المنشطات، ولم يقتصر الأمر على بعض الدوليين الجامايكيين والبيروفيين والتاهيتيين الذين كانت نتائج فحوصهم إيجابية العام الماضي، وهم من دول صغيرة ليست بالضرورة مطلعة على مخاطر تناول مواد محظورة، كي نجزم أن الأمر بات مختلفا في عام 2014، وهذا ما دفع "فيفا" إلى إطلاق برنامج طموح تزامنا مع النسخة الراهنة لكأس العالم، يقوم على إخضاع اللاعبين جميعا في المنتخبات المشاركة كافة لمتابعة طويلة الأمد. ومنذ مارس وحتى أول المباريات المرتقبة بدءا من 12 يونيو، سيكون على الفرق أن تتوقع زيارات مفاجئة للفريق المتخصص من الأطباء والممرضات المكلفين من الفيفا إخضاع اللاعبين جميعاً لاختبارات الدم والبول.ويحذر رئيس الجهاز الطبي في فيفا الدكتور جيري دفوراك، من أن لدى الجهاز "صلاحية كاملة لإخضاع أي كان للفحوصات الطبية، في أي وقت، وأينما كان، وبقدر ما يتطلبه الأمر". وكان بعض نجوم الكرة الكبار أمثال البرازيلي نيمار والإيطالي جانلويجي بوفون والإسباني أندريس إنييستا خاضوا التجربة العام الماضي قبيل كأس القارات، تماما مثلما فعل بعض لاعبي تشيلسي الإنجليزي وبرشلونة الإسباني وسانتوس البرازيلي ومونتيري المكسيكي في كأس العالم للنوادي في الأعوام الماضية، حين كانت الفيفا تختبر برنامجها. ويؤكد دفوراك "التجاوب التام الذي يلقاه الجهاز الطبي من الفرق حتى الساعة، وتفهم اللاعبين للأمر إلى حد اعتباره جزءا من حياتهم المهنية". أما في النتائج المتوفرة حتى الساعة، فما من شيء مثير للقلق، "لا خلال كأس القارات، ولا في النتائج الأولى التي ظهرت حتى الساعة والتي تؤكد أن كل المتغيرات الدموية طبيعية". وهذا الأمر لا يفاجئ دفوراك، فخلال كأس العالم 2002، أخضع الاتحاد الدولي اللاعبين لفحوص الدم من دون اكتشاف أي أمر مقلق. غير أن جواز السفر البيولوجي أكثر فعالية من الاختبارات البسيطة. فهو يرتكز على متابعة متغيرات عدة على مر الزمن، مثل معدلات الهيموجلوبين في الدم أو نسبة الكريات الحمر الفتية، بهدف ملاحظة أي تبدل مشبوه قد يكون ناتجا عن تناول المنشطات. ويعتبر برنامج الفيفا رائدا على هذا الصعيد لكون جواز السفر المعني يقوم على عنصرين: جواز سفر الدم، وهو معتمد في رياضة الدراجات وألعاب القوى، لمكافحة تعاطي هرمون الإريثروبويتين وأساليب مضاعفة القدرة على التحمل، وجواز سفر ستيرويدي، لا يزال في مراحله الأولى، ويرتكز على قياس الهرمونات المنشطة وتلك المفرزة في البول. تحديات لوجستية بسبب التحديات اللوجستية الكبيرة، لم يكن في وسع فيفا الاعتماد على مختبر برازيلي لإجراء تحاليل كشف المنشطات. فالمختبر الكائن في ريو دي جانيرو سحبت رخصته الدولية العام الماضي بسبب خطأ مخبري، ما دفع فيفا إلى إرسال العينات كافة في البريد السريع إلى مختبرات لوزان المعتمدة، وهو ما يكبده كلفة مادية إضافية بلغت 250 ألف دولار أميركي، في برنامج لمكافحة المنشطات تقارب كلفته الإجمالية مليون دولار.ولا يشكل تحليل البول تحديا بارزا كفحوص الدم الذي يتحلل بسهولة ويجب أن يخضع للاختبار في غضون 36 ساعة من سحبه، وهو ما سيشكل تحديا إضافيا للفيفا، خصوصا في المباريات التي ستقام في ماناوس وفورتاليزا. ولن يكون أي شيء متروكا للصدفة، فالاتحاد الدولي وفر كل معدات النقل اللازمة وفق المعايير الطبية المطلوبة، بما يضمن إرسال العينات بالظروف الملائمة.