لا يعرفن ليونيل ميسي ولا شواطئ كوباكابانا، وبلدهن باكستان لم يتأهل إلى نهائيات كأس العالم لكرة القدم في البرازيل، غير أنهن سيكن حاضرات في المونديال من خلال "برازوكا"، الكرة التي عملن على تصنيعها.. إنهن العاملات الباكستانيات. جولشان بيبي هي واحدة من تلك العاملات، وهي إلى جانب زميلاتها سيتابعن المباراة الافتتاحية للمونديال بين البرازيل وكرواتيا في 12 الجاري. غير أن أعينهن بخلاف مئات ملايين المشجعين حول العالم، لن تبحث على البساط الأخضر عن نجوم الكرة، بل ستكون شاخصة على الكرة عينها "برازوكا". فالكرة التي ابتكرتها شركة أديداس، صنعت في سيالكو شرق باكستان على يد عمال شركة "فورورد سبورتس" ومعظمهم من النساء. وتمتاز "برازوكا" بابتكار جديد على مستوى الهيكلية، اذ تنفرد بتناظر فريد ليست لوائح متماثلة إلى جانب هيكلية مختلفة للطبقة السطحية توفر ميزات التحكم بالكرة وإمساكها واستقرارها وأفضل آلية لحركتها على أرض الملعب. ويعد تصنيع الكرات في باكستان بمثابة تقليد قديم رغم أن البلد الذي يقطنه 180 مليون نسمة يشتهر برياضة الكريكت التي تعد اللعبة الشعبية الأولى، ويحتل منتخب باكستان المرتبة 159 عالميا في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم. وتصنع الشركة المحلية "فورورد سبورتس" منذ منتصف التسعينات كرات لحساب شركة أديداس، تستخدم في الدوري الفرنسي الأول لكرة القدم وفي بطولة ألمانيا ودوري الأبطال وفي المونديال راهنا. ثمن الكرة يفوق راتب صانعها بعد كثير من الفضائح المتصلة بعمالة الأطفال، وتحديدا بدوامات العمل الطويلة في مقابل رواتب زهيدة لحساب شركات غربية كبرى، سعت أديداس إلى تحسين معايير العمل لدى شركائها المحليين. في معمل يقع ضمن منطقة مغبرة ومزدحمة، يصر المدير العام لشركة "فورورد سبورتس"، خواجا مسعود أخطر على احترام معايير العمالة. وهو يشدد على أن جميع العاملين، ومن بينهم كثير من النساء المحجبات، عليهم إثبات أنهم في السن القانونية وإبراز هوية تؤكد ذلك. ومع عجز اليد العاملة الصينية عن تلبية حجم متطلبات "برازوكا"، اختارت أديداس الشركة الباكستانية لزيادة إنتاجها مع اقتراب موعد المونديال. وفي أقل من شهر، نجح الباكستانيون في تأمين المعدات اللازمة والانطلاق في عملية التصنيع. وبراتب يتخطى بقليل مئة دولار أميركي شهريا، وهو ما يفوق بعض الشيء الحد الأدنى للأجور في باكستان، لكنه أقل بكثير من ثمن "برازوكا" البالغ 160 دولارا، ينكب العمال على لصق الأجزاء الست للكرة العالية التقنية. برازوكا خليفة جابولاني تعد "برازوكا"، التي تعني "برازيلي" وتشير لنمط الحياة البرازيلية، الكرة الأكثر اختبارا في التاريخ، فقد جربها على مدى سنتين ونصف أكثر من 600 من أفضل لاعبي العالم الحاليين والسابقين، ومنهم حارس إسبانيا إيكر كاسياس وظهير البرازيل داني الفيش، وزميله في برشلونة الإسباني نجم الأرجنتين ليونيل ميسي، ولاعب الوسط الألماني باستيان شفاينشتايجر، والنجم الفرنسي السابق زين الدين زيدان، وكذلك 30 فريقا في 10 دول في 3 قارات. و"برازوكا" هي الكرة ال12 لشركة أديداس في نهائيات كأس العالم وستخلف "جابولاني" التي أثارت جدلا كبيرا في مونديال جنوب أفريقيا 2010 لأنها صنعت "من أجل تعقيد مهمة الحراس" بحسب ما عد حينها حارس تشيلي كلاوديو برافو. وتم استخدام "برازوكا" في عدد من المباريات الدولية الودية خلال العام الحالي، ولكن بتصميم مختلف، وأيضا في مباراة ودية جمعت بين السويدوالأرجنتين في فبراير الماضي. وتمثل "برازوكا" بتصميمها الأساور الملونة التقليدية الجالبة للحظ المنتشرة في البلاد، إضافة إلى كونها تعكس الحيوية المرافقة لكرة القدم في البلد الأميركي الجنوبي العاشق للعبة. وكانت شركة أديداس أطلقت الكرة الرسمية الأولى من تصنيعها عام 1970 وأطلقت عليها تيلستار، ثم اتبعتها بعشر نسخات أخرى، آخرها "جابولاني"، ما معناه "الاحتفال" بلغة إيسيزولو. ولم تكن "جابولاني" الكرة الوحيدة في جنوب أفريقيا 2010 بل قدمت أديداس كرة أخرى خاصة فقط بالمباراة النهائية التي فازت فيها إسبانيا على هولندا بهدف في الوقت الإضافي لأندريس أنييستا، وكانت النسخة الذهبية من "جابولاني" وأطلق عليها اسم "جوبولاني".